العزل هو أن يقوم أحد الوالدين أو كليهما، بتخصيص غرفة أو ركن من المنزل، يُرسل إليها الطفل كلما أخطأ لمدة زمنية محددة، وهذا العقاب كافٍ لإيقاف السلوك الغير مرغوب فيه في اللحظة نفسها، دون بذل أي مجهود يذكر من قبل الأهل. ولكن هل يساهم العزل بتعديل السلوك وعدم تكراره؟
للوهلة الأولى، قد يبدو العزل وسيلة فعالة لإيقاف السلوك الغير مرغوب فيه، وهذا صحيح! إلا أن فعاليته هي قصيرة المدى من وجهة نظر التربية الإيجابية، حيث أن الأطفال يتصرفون بشكل أفضل عندما يشعرون بشعور أفضل.
فكيف يشعر الطفل المعزول؟
عندما يتم عزل الطفل، إن كان في زاوية محددة أو غرفة منفصلة، يشعر هذا الأخير بالإهانة والألم. نتيجة ذلك، يتبنى الطفل فكرة أنه لا يستحق الحب لأنه فاشل لا يستطيع تفادي الوقوع في الخطأ.
قد يدفعه الإحباط أحياناً، إلى التفكير بطرق جديدة كي ينفد في المرة المقبلة أو حتى قد يخطط للإنتقام.
الحالة الوحيدة التي سيقرر فيها عدم تكرير الخطأ، هي عندما يعتقد إعتقاداً راسخاً أن إرضاء أهله هو الأهم، بغض النظر عن الرغبة بفعل الصواب. في المستقبل، سيتحول هذا الطفل إلى باحث عن رضى وقبول أصحاب الموقف الأقوى من أصدقاء ومعلمين وأصحاب العمل …
قد يشعر الطفل المعزول بمشاعر مختلفة ولكن من المؤكد أنه لن يشعر بشعور جيد!
فلنقف قليلاً عند تعريف كلمة تربية وهي تشتمل على تعليم وتعلُم مهارات معينة، والتي تكون –أحياناً- مهارات غير مادية (أو ملموسة)، ولكنها جوهرية، مثل: نقل المعرفة، والقدرة الصحيحة على الحكم على الأمور. من هنا يطرح السؤال : من أين جاءت فكرتي التأنيب والعقاب كجزء لا يتجزأ من تربية أبنائنا؟
من المتعارف عليه أن العزل هو وسيلة “لتربية” الأبناء، وعندما يفشل العقاب يعتقد الأهل أنه لم يكن بالقسوة الكافية لتعديل السلوك الغير مرغوب فيه، فيتفننون بفرض عقوبات أقوى وأطول لن تؤدي إلا إلى تعطيل الرابط بين الأهل والأبناء وبالتالي تشجيع المشاعر السلبية.
في التربية الإيجابية، يقوم الأهل بالتركيز على الحلول بالإشتراك مع الأبناء أنفسهم. لا لوم، لا ألم ولا إحساس بالعار.
هي عملية تحاورمشتركة من 4 خطوات:
– التعاطف، (أنا أتفهم شعورك بالغضب الآن)
– وصف المشكلة، (يبدو لي أن صديقك يريد أن يلعب بنفس اللعبة التي وقع عليها إختيارك)
– دعوة الأبناء لإقتراح الحلول، (فلنفكر معاً بطريقة لحل الموضوع، ما هي الأفكار التي قد تساعدنا على تجاوز المشكلة؟)
– دعمهم للإلتزام بما إقترحوه معاُ وخلق فرص تضمن نجاحهم. (لقد بذلت مجهوداً رائعاً لإيجاد حل مناسب / ما الذي إقترحته تلك المرة عندما واجهت هذا الموقف؟ أذكر أنك وجدت حلاً رائعاً عندها)
هذه الخطوات البسيطة المبنية على الإحترام المتبادل، تقوّي الرابط بين الأبناء والأهل، تنمي الأفكارالإيجابية ومهارات حل المشاكل والنزاعات، وتضمن تعاون الأبناء وصولاً إلى نتائج طويلة المدى.
عندما يخطئ الطفل يشعر بالإحباط والعجز والذنب! لوم الأهل له وعزله وإثقال كاهليه بإحساس الفشل لن يؤدي بالطفل الا إلى مشاعر سلبية تجاه نفسه قد تظل لصيقة به حتى سن الرشد، ولن يسهم هذا الأمر بتشجيع الرغبة بعمل الصواب أوعدم تكرار السلوك الغير مرغوب فيه.
دور الأهل هو تشجيع الطفل وتنمية قدراته، بالإضافة إلى تقدير جهوده كأنهم فريق واحد يسعى للهدف نفسه.
[email protected]