أفاد "مسعود شاردجره" رئيس لجنة حقوق الإنسان الإسلامية(مركزها بريطانيا)، لمراسل الأناضول، اليوم الجمعة، أن الأعمال التي يقوم بها تنظيم داعش، وضعت المسلمين في العالم في موقف حرج، مؤكداً "أن العداء ضد الإسلام لم يقف أبداً، وأنه كان موجوداً حتى قبل أحداث 11 أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن حولت تلك الأحداث العداء إلى أمر مشروع".
وأوضح شاردجره أن العديد من المسلمين تعرضوا إلى اعتداءات مختلفة من قبيل "خلع حجاب النساء"، و"البصق"، و"تسميتهم بالإرهابيين"، مشدداً أن ظاهرة الإسلاموفوبيا (الرهاب من الإسلام)، لم تغب عن أجندة وسائل الإعلام التي تعرض يومياً خبرين أو ثلاثة تحوي مواد تخلق انطباع سلبي تجاه المسلمين أو الإسلام.
وقال شاردجره "بحسب دراساتنا، فإن الإسلاموفوبيا أصبح بعد اليوم ثقافة، إذ نرى يومياً في وسائل الإعلام العديد من العبارات والجمل المناهضة للمسلمين والصادرة من الشرطة أو القوات المسلحة، أو حتى موظفي مؤسسات، كالإدارات المحلية، وليس فقط من اليمينيين المتطرفين"، حيث فتحت موجة الخوف التي خلقتها وسائل الإعلام، وربط مفهوم العنف بالمسلمين، جراء الهجمات التي يقوم بها تنظيم "داعش" الإرهابي، التي تصدرت أجندات الدول الأوروبية عدة شهور، الباب مجدداً أمام ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، وزيادة الضغوط على المسلمين.
وزادت أعمال داعش، وانعكاساتها في وسائل الإعلام، الاعتداءات ضد المسلمين القاطنين في الدول الأوروبية، إضافة إلى أنها أذكت مفهوم (الإسلاموفوبيا)، حيث قامت الشرطة في بعض الدول بممارسة ضغوط نفسية على المنظمات الأهلية المسلمة في تلك البلدان.
ولفتت مجموعة تدعى "تيل ماما"، التي تراقب الاعتداءات ضد المسلمين في بريطانيا، الانتباه إلى ارتفاع الأعمال العدائية ضد المسلمين، في ضوء التطورات في العراق وسوريا، إذ أشارت المعلومات التي نشرتها المجموعة، أن أكثر من 200 حادثة اعتداء نُفذت ضد المسلمين في بريطانيا عقب نشر مقطع الفيديو حول إعدام داعش للصحفي الأميركي "جيمس فولي"، فيما شهد شهر كانون الثاني/ يناير من العام الحالي 112 حالة اعتداء مماثلة.
وأشارت المجموعة أن هذه الأرقام لا تعكس الأرقام الحقيقة للاعتداءات، لأن أكثر المواطنين المسلمين الذين تعرضوا للاعتداءات في بريطانيا لا يصرحون بما تعرضوا له نتيجة الخوف.
ووفقاً للمعلومات التي أعلنتها شرطة العاصمة لندن، فإن 500 اعتداء ضد المسلمين ارتكب في لندن عام 2013، فيما كان عددها 336 في عام 2012، و318 في عام 2011، ولا تنفي بعض وحدات الأمن في انكلترا وويلز عدم تسجيلها لبعض حوادث الاعتداء ضد المسلمين، لذلك فإن العدد الحقيقي لها أكثر من المصرح به.
وفي النمسا، تعد الخطط والأفكار، لحظر الرموز الدينية والدعاية لها، إضافة إلى زيادة المراقبة المطبقة على "حضانات الأطفال" للمسلمين، والطلب من مدرسي التربية الإسلامية في المدارس بالتبليغ عن الطلاب الذين يحملون أفكار متطرفة، جزءاً من أعمال ناجمة عن المفهوم الذي بدأ بالظهور تجاه المسلمين بسبب هجمات داعش.
ويشعر قرابة 500 ألف مسلم يقطنون في النمسا، بالقلق، من تحول التدابير التي ستتخذ في إطار مكافحة داعش والتطرف، إلى مكافحة للمسلمين وعداء لهم، حيث وقعت خلال الشهر الماضي 3 حالات اعتداء على محجبات، فضلاً عن اعتدائين عنصريين على أحد المساجد والمدارس الدينية قيد الإنشاء.
وفي حديثه لمراسل الأناضول، أدان رئيس الاتحاد الإسلامي في العاصمة فيينا، "محمد طورهان"، الإرهاب والعنف بكافة أشكاله أيّا كان فاعله، معرباً عن قلقه من أن تصل التدابير المتخذة تجاه مكافحة الإرهاب إلى حد انتهاك حقوق وحريات المسلمين في البلاد، مؤكداً أن الاعتداءات الجسدية وبالكلمات تجاه المسلمين، زادت في الفترة الأخيرة، بسبب الأخبار السلبية تجاه المسلمين على وسائل الإعلام.
بدوره أوضح رئيس الاتحاد التركي بالنمسا، "علي جان"، أن الاعتداءات ضد المسلمين زادت نتيجة نشر أخبار تسيء للمسلمين في وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة في الفترة الأخيرة بالنمسا، والتأثيرات الناجمة عنها، مشدداً على ضرورة عدم خلق مناخ للضغط على المسلمين تحت مسمى التدابير الأمنية.
أمّا الدنمارك، تسبب طرد تنظيم داعش، الذي تصدرت هجماته وسائل الإعلام اعتباراً من الصيف، معتنقي الديانات غير المسلمة وخاصة المسيحيين، من الموصل( شمال العراق)، في زيادة الاعتداءات ضد المسلمين في وسائل التواصل الإجتماعي، في حين زادت الأخبار حول الأشخاص الذين ذهبوا إلى سوريا للقتال، النظرة السلبية تجاه المسلمين في عموم البلاد.
وذكر رئيس الجمعية الإسلامية في الدنمارك، "أحمد دنيز"، أن هجمات تنظيم داعش وجهت أنظار المجتمع بشكل كثيف نحو المسلمين، مشدداً على ضرورة تحرك المسلمين والأشخاص المتعقلين فيما يتعلق بالذين يغادرون الدنمارك باتجاه سوريا للقتال، والمشاكل التي قد تنجم عن ذلك.
وفي النرويج، توجهت أنظار المجتمع في البلاد إلى المسلمين والجماعات الإسلامية، بسبب توجه بعض الشبان إلى سوريا للقتال بصفوف داعش، حيث قامت وسائل إعلام بالتركيز على رئيسي جمعيتين شبابيتين تدعيان " بروفيتانس أمة"، و"إسلام نت"، وصنفتهما على أنهما من الجماعات المتطرفة.
وبدأ المجتمع النرويجي إظهار ردود فعل سلبية، ضد الأقلية المسلمة في البلد، عقب أعمال داعش، والإعلان عن تهديد إرهابي محتمل ضد النرويج، حيث أوضح أمين عام الجمعيات الإسلامية في البلاد، "مهتاب أفشار"، ذو الأصل الباكستاني، في تصريح له، أن ابنته تلقت إهانة من مدرسها لارتدائها الحجاب في المدرسة.
أمّا في السويد، فذكر رئيس الاتحاد الإسلامي السويدي، طاهر آقان، أن داعش هو تنظيم إرهابي، أيّاً كانت الأهداف من وراء تنفيذه لأعمال وصفها بالمقيتة، معتبراً أن "هذا التنظيم تلطخت يداه بدماء الناس دون التفريق بين النساء والأطفال، والرجال، وتغيرت نظرة المجتمع السويدي تجاهنا بعد تلك الأعمال، وتقع مهمة كبيرة على عاتق المسلمين في أوروبا، من أجل تغيير هذه النظرة، ويجب علينا أن نقنع الجميع بأننا لسنا متفقين مع داعش".
وفي دول البلقان، تزيد هجمات تنظيم داعش، ظاهرة الإسلاموفوبيا، لدى المسيحين الذين يقطنون منذ سنين إلى جانب المسلمين، وأشار رئيس الاتحاد الإسلامي في مقدونيا، "سليمان رجبي"، أن هناك حملة تشويه للإسلام من خلال اتخاذ الحروب في سوريا والعراق حجة لذلك، وأعرب عن اعتقاده بأن المقاتلين الذين توجهوا إلى سوريا والعراق للقتال هناك، لن يكونوا خطراً لدى عودتهم إلى أوطانهم، طالباً أن تكون عمليات الشرطة تجاه هؤلاء الأشخاص "أقل بهرجة"، وأن تتوقف العمليات الوهمية لأنها تضر بصورة الدين الإسلامي في بلدان المنطقة.
من جانبه، أفاد رئيس الاتحاد الإسلامي في الجبل الأسود، "رفعت فايزيتش" أن تنظيم داعش الذي يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية، شوه الإسلام، معرباً عن قلقه من انتشار الخوف من الإسلام "إسلاموفوبيا" بسبب أعمال ذلك التنظيم، مبيناً أن ضرره كان على المسلمين أكثر.
وبالنظر إلى إقليم تراقيا الغربية اليوناني، أكد رئيس المجلس الاستشاري للأقلية التركية بالإقليم، "أحمد ميتا"، أن الفئات المعادية للإسلام كانت من أكثر المستفيدين من أعمال داعش، لافتاً إلى أن المجتمع التركي في تراقيا عانى من ذلك، مضيفاً "إن الفئات غير المسلمة القاطنة إلى جانب المسلمين تعرف جيداً أن داعش لا علاقة له بالإسلام، ولكن من لا يعرفون المسلمين، تأثروا من الجرائم التي ارتبكها داعش".
ولفت ميتا أن داعش لا يمثل الإسلام، معتبراً أنه لعبة جديدة اختلقها الغرب، من أجل إعادة هيكلة الشرق الأوسط، قائلاً " إن ذلك لعبة ضد المسلمين والعالم الإسلامي، وليس لذلك التنظيم أي علاقة بالمسلمين بأي شكل من الأشكال، ولا يمثل الإسلام".
بدوره، ذكر "دامون داميانوس"، الكاتب في صحيفة "تا نيا"، التي تصدر بالعاصمة أثينا، لمراسل الأناضول أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ليست جديدةً في أوروبا، إلا أن أعمال داعش تسببت في تعزيز الحركات المناهضة للإسلام في أوروبا، مشيراً أن السنوات الثلاث الأخيرة في أوروبا شهدت ارتفاعاً لتلك الحركات بنسبة 30%، في حين شهدت انخفاضاً في نسبة الحوادث العنصرية والمعادية للسامية.
وفي ألمانيا، تطرق رئيس حزب اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبيين "سليمان جليك" للأناضول، إلى الضغوط النفسية التي عاشها المسلمون في ألمانيا وزيادة ظاهرة الإسلاموفوبيا، عقب هجمات داعش، معرباً عن رفضه معاملة كافة الأشخاص ذوي اللحة، وكأنهم أعضاء في تنظيم داعش.
من جانبه، أوضح رئيس الاتحاد التركي الإسلامي الأوروبي "إحسان أونر"، أن نحو 5 ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا، لافتاً أن انضمام هكذا عدد (400 شخص من ألمانيا إلى داعش) من أصل 5 ملايين مسلم، يعتبر صغيراً، وأن من الخطأ تعميم ذلك على جميع المسلمين هناك.
[email protected]