مساحات العداء بين سوريا وإسرائيل بدأت تتضاءل أمام التقاء مصالحهما في القضاء على التنظيمات الإسلامية في الجولان، وفق مراقبين رأوا أن تل أبيب واقفت ضمنيا على إدخال الجيش النظامي تعزيزات عسكرية إلى منطقة وقف إطلاق النار لطرد المسلحين.
تراقب إسرائيل تطورات المعارك العسكرية بين المعارضة المسلحة والقوات النظامية السورية التي فقدت السيطرة على معبر القنيطرة، كما أنها تبدي قلقها حيال اتساع نفوذ التنظيمات الإسلامية في الجولان المحتل وفقدان نظام الرئيس بشار الأسد السيطرة بمناطق خط وقف إطلاق النار.
ويجزم محللون بأن مصالح تل أبيب تلتقي مع نظام الأسد في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، مما دفعها للتغاضي عن إدخال الجيش النظامي السوري ترسانة أسلحة ومدرعات وعناصر من حزب الله اللبناني إلى منطقة خط وقف إطلاق النار لمحاربة التنظيمات المسلحة.
كما سمحت إسرائيل للطيران الحربي السوري بالتحليق فوق الجولان لقصف مواقع المعارضة، في محاولة لاسترجاع معبر القنيطرة.
وترجح التقديرات الاستخباراتية للجيش الإسرائيلي أنه لن يتم فتح جبهة بالجولان رغم احتدام المعارك وفقدان النظام السيطرة، بيد أنها أبدت قلقها من خسارته لمزيد من المناطق وإحكام التنظيمات الإسلامية قبضتها على طول خط وقف إطلاق النار.
المواجهة العسكرية
وحذرت من إمكانية وصول تنظيم الدولة لمنطقة خط وقف إطلاق النار مما يجعل إسرائيل أمام مواجهة عسكرية حتمية.
واستبعد الباحث في مركز موشي ديان للدراسات الإستراتيجية الدكتور آيال زيسير إمكانية تدخل الجيش الإسرائيلي بالحرب الدائرة في سوريا.
وقلل زيسير -وهو باحث في الشأن السوري- من أهمية سير المعارك الدائرة في تخوم منطقة خط وقف إطلاق النار بالنسبة لتل أبيب التي تعتبرها شأنا داخليا ينسجم مع ضعف الجيش النظامي السوري وسيطرة المعارضة على الجهة الشمالية من هضبة الجولان ومعبر القنيطرة بالجنوب.
وعن دوافع "سماح" إسرائيل للجيش النظامي السوري بإدخال أسلحة ومعدات ثقيلة وتحليق الطيران فوق مناطق خط وقف إطلاق النار، يؤكد زيسير أن ذلك يعكس التقاء مصالح تل أبيب والأسد في محاربة تنظيم الدولة.
وأكد أن تل أبيب "وافقت بصمت" على دخول مزيد من قوات جيش الأسد للحد من توغل واتساع نفوذ القوى الإسلامية.
ولفت إلى أن إسرائيل ترقب المعارك وقصف النظام بالمدفعية والطيران لقوى المعارضة بهدف استرجاع معبر القنيطرة.
ويعتقد زيسير أن تل أبيب مقيدة وليس بمقدورها القيام بالكثير من الخطوات حيال المعارك الدائرة بين قوى المعارضة والجيش النظامي، الذي قال إنه ينزف ويواصل فقدان المزيد من القوة والسيطرة.
إطالة الصراع
ويرجح أن إطالة عمر الصراع بسوريا ليست في صالح الأسد الذي قال إنه يعتمد على قوات حزب الله لاستعادة السيطرة على معبر القنيطرة ومنع المعارضة المسلحة من إحكام قبضتها على الجولان السوري.
وفي الجانب السوري، يرى الباحث في الجولان المحتل سلمان فخر الدين أن إسرائيل تراهن على استعادة قوات الأسد السيطرة على الجولان، لذلك سمحت لها بإدخال مزيد من التعزيزات العسكرية بمنطقة خط وقف إطلاق النار لمحاربة القوى الإسلامية والجيش السوري الحر.
وأوضح فخر الدين للجزيرة نت أن إسرائيل والمجتمع الدولي أيضا يوظفان ورقة تنظيم الدولة لتدعم نظام الأسد وإطالة عمر الصراع بسوريا بما يخدم مصالحها.
ويعتقد أن إسرائيل تعمل على عدم التورط في الصراع السوري العسكري وإبقاء الاقتتال بين مختلف القوى الداخلية.
وبين أن التهويل من الخطر الإستراتيجي للتنظيمات المتطرفة هدفه التغاضي عن جرائم النظام وتبرير بقائه.
وقدّر فخر الدين أن قوات المعارضة التي توجد في الجولان -وهي الجيش الحر وجبهة النصرة و"الثورة السورية" وكتائب الجهاد- غير معنية بالمواجهة ودخول الحرب مع إسرائيل على الأقل في هذه المرحلة.
وبيّن أن تل أبيب منزعجة من التغيرات الراهنة لأنها تنهي حقبة من الهدوء شهدها الجولان طيلة العقود التي حكمت فيها عائلة الأسد سوريا.
[email protected]