قد يستغرب الكثيرون ويشعرون بالاشمئزاز، الغثيان والتقيّؤ عند قراءة هذا التقرير عن حقيقة وجود أكلة لحوم البشر عبر العصور، هناك، وكما هو معروف، العديد من الروايات والأحداث والمراجع والتحقيقات التي تؤكّد أن ظاهرة أكل لحوم البشر حقيقة في مجتمعات عديدة بما في ذلك المجتمع العربي، والناس غير آبهين لنتائج الظاهرة، أعراضها، وخطورتها.
إن ما دفعني إلى التطرق لهذا الموضوع الحساس والمقزز، ما بث الأسبوع الماضي على شاشة التلفزيون اللبناني في برنامج للنشر تحت عنوان: " لحام يأكل لحوم البشر"! والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف إذا كان هذا هو الحال في دولة تعتبر نفسها ديموقراطية، حضارية ممكن أن يحدث مثل هذه الأمور في عصر التطور وركب الحضارة، دولة تعتبر نفسها تحارب العنف وتدافع عن الضعفاء والمحتاجين وحقوق المرأة من جهة، دولة هي نموذج العالم المتحضر، كيف يمكن للقادة والحكام وأصحاب المقامات والمؤسسات والجمعيات أن تغفل جفونهم، ويناموا الليل بطوله؟!
لا يمكن أن تكون هذه المحطة عابرة دون الوقوف عليها مطولا، مهما كانت الظروف والأسباب لأي عقل بشري يستطيع أن يشعر بارتياح، ولا تنقطع أنفاسه ويتعاطف مع الضحايا وما مر عليهم آنذاك.
حدث هذا أيضا في بعض القبائل البدائية، إبّانَ المجاعة ومحاصرة المدن والقرى، إذ كان المنتصر يأكل من لحم المهزوم بينما اعتقد البعض أنها إحدى الطقوس الدينية، وقد تكون عند البعض نوع من التكريم للميت، وفي عصرنا هذا أيضا سجلت عدّة حالات من أكل لحوم البشر.
فني الكمبيوتر الألماني أرمين، اعترف بنفسه بقتل رجل سنة 2001 وأكل لحمه، كذلك السفاح ألبيرت فيش الذي اغتصب وقتل وأكل عددًا من الأطفال، والسفاح الروسي أندريه الذي قتل 53 شخصا عام 1990.
وفي الحرب العالمية الثانية وخلال محاصرة لننغراد سجلت العديد من التقارير عن أكل لحوم البشر بالإضافة إلى العديد من التقارير والشهادات تؤكد أن الجنود اليابانيين قاموا بأكل لحوم البشر من أسرى الحلفاء في الحرب، وفي اليابان انتشرت في الآونة الأخيرة كالنار في الهشيم أنباء عن تقديم وجبات لحوم البشر في أحد مطاعم اليابان الشهيرة مما أثار ضجة إعلامية كبيرة وسط احتجاجات واستياءات عارمة، وقد أكدت صحيفة (top thing) أن القانون الياباني سمح بأكل لحوم البشر وأن ثمن الوجبة تتراوح بين 100-1000 يورو.
هناك عشر حوادث مثيرة للاشمئزاز والرعب ومن أغربها: فرقة من 87 مهاجرا أمريكيا خرجوا سنة 1846 برحلة إلى ولاية كاليفورنيا، واجهوا عاصفة ثلجية في جبال سييرا نيفادا وتم محاصرتهم بين الثلوج لمدة أربعة أشهر، نجا منهم 48 شخصا، واتّضح بعد التحقيق أنهم لجأوا إلى أكل لحوم اللذين ماتوا من البرد بعد أن نفذت مؤونتهم.
قضية دادلي ويستيفنر: انقطعت السبل بأربعة بحارة في عرض البحر بدون طعام وماء، اقترح دادلي التضحية بأحد أصدقائهم ثم قرروا قتل باركر الأضعف والأصغر سنًّا، وقاموا بأكل لحمه وقد تم اتهامهم بجريمة القتل والإعدام شنقا إلا أنه تمّ تخفيف الحكم بالسجن لستة أشهر فقط.
كذلك اقتحام قرية سان فرنسيس، مجاعة الصين الكبرى 1958-1961، المجاعة الأوكرانية سنة 1932، لننغراد، اليابانيون في الحرب العالمية الثانية، الصليبيون ومذبحة النعمان وأنطاكيا.
[email protected]