كانت الدقائق القليلة التي اعترضت بها القائمة المشتركة خطاب نائب الرئيس امريكي مايكل بنس، ورفع البعض ملصق القدس عاصمة فلسطين، دقائق الاحتجاج اليتيمة على زيارة بنس للمنطقة.
هذا الصوت المتواضع تنبع أهميته ليس من كونه رفضاً لخطاب وتصريحات بنس الأمريكية فقط، بل لكونه أيضا رفضاً للصمت المطبق في العالم العربي ولترحيب بعض الأنظمة العربية له.
علينا ألاّ نبالغ في أهمية هذا الاحتجاج، لكن علينا أن ندرك أيضاً أن الأهمية التي أخذتها هذه الخطوة، تعكس رداءة الاستكانة والهدوء المحيط بالزيارة، فلا صوت اعترض بنس خلال ايّام زيارته.
من جهة أخرى، علينا أن نتعامل بجدّيّة مع الادعاء القائل بأن الخطوة هي تجميل لديمقراطية المشروع الاستعماري، الذي أتى ليأخذ مكانك. لكنّها كانت ستكون كذلك، لو لم يحمل المشهد صداماً مع الحرس ومع أجواء الحميمية والتجانس العاطفي - أكاد أقول- الذي سيطر على المشهد، تماماً كوجودنا نحن داخل الكنيست، هو ليس تجميلاً " لديمقراطية المستعمر"، طالما هو صدامي، يحمل وعياً وسلوكاً معيقين بشكل حقيقي وجدّي - وليس استعراضي- للمشروع الذي يحمله المستعمر.
لقد حملت الدقائق القليلة مشهد إسكاتنا وتمزيق الصورة، ليس أقل مما حمل صوتنا. ونقاش بعض وسائل الاعلام الأمريكية كان: هل كان الكونغرس سيخرج ممثلي الأمريكيين الإفريقيين، كما أخرجت الكنيست هؤلاء النواب؟ والجواب أتى أن لا. وليس صدفة أن اسرائيل كانت محرجة من هذه الوقفة المتواضعة والبسيطة، وليس صدفة أنها قامت بإخراجنا فوراً، ولو أرادت "استعمالنا" لأعطتنا المنبر ولم تتدخل، وسوّقت هي نفسها المشهد دون حرس ودون طرد.
في زمن الصمت والاستكانة الرهيب، يبدو أي فعل بطولياً، وهذا ما يعرضه لمحاولات الاستهزاء. هذا ليس ذنب المشهد المتواضع، بل هذا ذنب الرداءة والإفلاس السياسيين للمشهد العام.
[email protected]