قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأن الحضور المسيحي في مشرقنا العربي هو حضور اصيل منذ اكثر من الفي عام ونيف ، والمسيحيون في منطقتنا العربية انما هم اصيلون في انتماءهم لهذا المشرق وهم ليسوا ضيوفا فيه او دخلاء او غرباء كما انهم ليسوا اقليات في اوطانهم .
وقال :" اننا نرفض رفضا قاطعا ان يتم التعامل مع المسيحيين في منطقتنا العربية وكأنهم اقليات في اوطانهم لانهم ليسوا كذلك وليس من العدل والانصاف التعامل معهم بهذه الطريقة .المسيحيون في منطقتنا ليسوا اقلية في فلسطين او في سوريا والعراق ولبنان والاردن ومصر بل هم مكون اساسي من مكونات هذا المشرق العربي الذي ننتمي اليه جميعا ومن واجبنا ان ندافع عن هويته الحقيقية وعن تاريخه وتراثه واصالته .
اولئك الذين استهدفوا مشرقنا العربي بالارهاب والعنف والقتل والدم انما كان هدفهم وما زال هو تغيير ملامح منطقتنا وتشويه تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا والنيل من لحمتنا واخوتنا وتلاقينا كأبناء لهذا المشرق .
واضاف :" ان الحفاظ على الهوية الحقيقية للمشرق العربي يحتاج الى مزيد من الوعي والاستقامة والصدق ، يحتاج الى ثقافة التفكير بدل ثقافة التكفير ويحتاج الى تكريس الثقافة الانسانية بعيدا عن الكراهية والبغضاء والعنصرية والتطرف. معا وسويا مسيحيين ومسلمين نحن مطالبون اليوم اكثر من اي وقت مضى من ان نكرس ثقافة الانتماء الانساني اولا وثقافة الانتماء الوطني وثقافة الوحدة الوطنية والعيش المشترك بعيدا عن الخطاب الاقصائي الطائفي الذي يغذي العنف ويغذي الكراهية ويثير الفتن في مجتمعاتنا خدمة للاجندات المعادية التي لا تريدنا ان نكون امة واحدة بل يريدوننا ان نكون مفككين مشرذمين لكي يتسنى للاعداء النيل من اوطاننا ومن كرامة شعوبنا وكذلك بهدف النيل من عدالة القضية الفلسطينية التي هي قضيتنا جميعا كأبناء لهذا المشرق العربي كما انها قضية كافة احرار العالم .
وقال سيادة المطران :"المسيحيون في منطقتنا ليسوا بضاعة مستوردة من الغرب وليسوا من مخلفات حملات الفرنجة او غيرها من الحملات التي مرت ببلادنا ، المسيحية في منطقتنا ليست امتدادا للغرب ، فالمسيحية انطلقت من هذا المشرق العربي وذهبت الى الغرب والى سائر ارجاء العالم ، وكنيسة القدس هي الكنيسة الام كما ان الكرسي الانطاكي والكرسي الاسكندري هما من الكراسي الرسولية العريقة المقدسة في هذه المنطقة .
لم تأتينا المسيحية من روما او من القسطنطينية بل من بلادنا ذهبت الى القسطنطينية والى روما والى سائر ارجاء العالم ، وعلينا ان نفتخر بتاريخنا وتراثنا وعراقة انتماءنا الانساني والروحي والوطني .
وتابع قائلا:" الحضور المسيحي استهدف في منطقتنا وقد خطط الاعداء لافراغ هذا المشرق العربي من مسيحييه ومن مكونات اخرى أريد لها ان تكون جماعات مهاجرة ومغتربة في سائر ارجاء العالم وبالرغم من كل الالام والاحزان والمعاناة التي تعرضنا لنا فلا بد لنا ان نقول بأننا سنبقى متمسكين بايماننا وقيمنا ورسالتنا الروحية والانسانية والوطنية .
ستبقى اجراسنا تقرع في هذا المشرق العربي مبشرة برسالة المحبة والاخوة والسلام التي نادى بها السيد ، وسيبقى بخورنا متصاعد الى السماء مع ادعيتنا وصلواتنا بأن تتحقق العدالة وان يسود السلام في هذا المشرق العربي .
سنبقى ننادي بالحرية لشعبنا الفلسطيني ، وما اكثر اولئك الذين يزعجهم ان يكون هنالك صوت مسيحي مناد بالعدالة لشعبنا ، يريدوننا ان نكون صامتين صمت القبور وان نكون مكتوفي الايدي لا حول لنا ولا قوة امام ما يرتكب بحق شعبنا الفلسطيني وبحق مدينة القدس ومقدساتها واوقافها وشعبها .
لن نكون صامتين امام ما يرتكب من تجاوزات وانتهاكات وممارسات بحق شعبنا وبحق مدينتنا المقدسة التي تستهدف فيها اوقافنا المسيحية كما تستهدف فيها المقدسات والاوقاف الاسلامية .
وقال:" ان الالام والاحزان التي تعرض لها المسيحيون في مشرقنا العربي لن تجعلنا نتخلى عن انسانيتنا وقيمنا واخلاقنا ومبادئنا ، لن نتخلى عن واجبنا الاخلاقي والانساني والروحي والوطني تجاه القضية الفلسطينية التي يسعى المتآمرون عليها لتصفيتها ويخططون لانهائها ويتجاهلون بأن هذه القضية العادلة انما هي قضية شعب يناضل من اجل الحرية وهذا الشعب لم ولن يتنازل عن حقوقه وثوابته وقضيته العادلة .
لن نخاف من اولئك الذين يستهدفوننا ويتآمرون علينا لان مواقفنا لا تعجبهم لان هاجسنا وتطلعنا هو ليس ان ترضى علينا هذه الجهة السياسية اوتلك فهدفنا الاساسي هو ان يرضى الله عنا وان نقوم بواجبنا وان نخدم شعبنا وقدسنا ومقدساتنا وان ندافع عن الحضور المسيحي العريق في هذه البقعة المقدسة هذا الحضور المستهدف بوسائل متنوعة ومختلفة .
الى اولئك الذين يريدون ان يبقى الحضور المسيحي في هذا المشرق العربي نقول لهم ما ذكرناه في وثيقة الكايروس الفلسطينية حول الدولة المدنية الديمقراطية ، الدولة المدنية الديمقراطية التي لا يتحدثون فيها بلغة الاكثرية او الاقلية هي الدولة التي تحمي كافة مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية او خلفياتهم الثقافية او الفكرية او السياسية ، نريد دولة يتحدثون فيها بلغة الانسان وبلغة المواطنة والقانون وليس بلغة الانتماء لهذه الطائفة او تلك ، وهذا ما نتمناه لفلسطين التي نريد ان تكون دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الانسان وحريته وكرامته .
وصاف قائلا:" ان الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا المشرق العربي يحتاج الى تكريس ثقافة التسامح والتلاقي والمحبة والاخوة بين كافة مكونات هذا المشرق ، ويحتاج ايضا الى مكافحة ومواجهة آفة التطرف والعنف والارهاب معالجة ثقافية فكرية انسانية يكون فيها للمؤسسات الدينية والتعليمية والاعلامية دور ريادي .
اما القضية الفلسطينية فهي مفتاح السلام في منطقتنا ، فلا يمكن ان نتحدث عن السلام بدون تحقيق العدالة ولن تكون هنالك عدالة مع بقاء الاحتلال والقمع والظلم والاحتلال الذي يتعرض له شعبنا الفلسطيني .
وفي كلمة شكر قال المطران حنا:" نشكر القائمين على هذه الندوة ونشكر كافة رجال الدين والمثقفين المشاركين والحاضرين مع تحيتي لكم التي ارسلها من رحاب مدينة القدس المدينة التي نعتبرها كفلسطينيين عاصمتنا الروحية والوطنية وحاضنة اهم مقدساتنا المسيحية والاسلامية .
وقد جاءت كلمات سيادة المطران هذه لدى مشاركته عبر وسيلة الفيديو كونفرنس في ندوة اقيمت في مدينة الاسكندرية المصرية حول الحضور المسيحي في منطقة الشرق الاوسط .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]