سيادة المطران عطا الله حنا : " اود ان اذكر سارقي وناهبي اوقافنا الارثوذكسية بالقول الشعبي المعروف (مال الوقف بهز السقف) "
القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم بأنه يحزننا ويؤلمنا ما تتعرض له اوقافنا الارثوذكسية في مدينة القدس وفي غيرها من الاماكن من عمليات سلب ونهب واستيلاء وسرقة في وضح النهار دون ان تستثمر هذه الاوقاف في دعم صمود وثبات الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة .
ان التفريط بعقاراتنا الارثوذكسية خيانة عظمى بحق الكنيسة ورسالتها وحضورها في هذه الارض المقدسة ، انها جريمة نكراء ترتكب بحق الحضور المسيحي الفلسطيني الوطني الاصيل وبحق مدينتنا المقدسة وديارنا المباركة .
اود ان اذكر هؤلاء الفاسدين والسارقين لاوقافنا وعملائهم وسماسرتهم ومرتزقتهم الكبار والصغار بالمقولة الشعبية الفلسطينية المعروفة " مال الوقف بهز السقف " ، اود ان اقول لهؤلاء السارقين لمقدرات كنيستنا بأنه مهما كدستم من الاموال في البنوك العالمية ومهما ارتفعت ارصدتكم فإن هذه الاموال ممزوجة بالخيانة والعمالة ولذلك فلا تتوقعوا ان تكون هنالك بركة من هذه الاموال المنهوبة والمسروقة .
اقول للسارقين والناهبين لاوقافنا بأنكم لن تهنئوا من هذه الاموال التي هي مال حرام نهبتموه وسرقتموه من مقدرات كنيستنا بدل من ان يستثمر هذا المال في صالح الكنيسة وابنائها وابناء شعبنا .
اذا ما لاحظتم ان ارصدتكم كبرت في البنوك فلا تفرحوا لانكم لن تهنئوا بهذه الاموال المسروقة والمنهوبة ، قد تشعروا في وقت من الاوقات بأنكم اغنياء بالمال الذي حصلتم عليه بواسطة نهب وسرقة اوقافنا ، ولكنكم ستكتشفون قريبا بأن هذه الاموال ستكون مصدر لعنة لكم ولكل من تواطىء وتآمر معكم .
لن ادعوكم الى التوبة واعادة ما سرقتموه من اموال لانكم لستم مستعدين لسماع صوتنا وندائنا ولانكم فقدتم البصر والبصيرة وانتم لا ترون امامكم سوى الدولارات المكدسة على حساب كنيستنا ورعيتنا .
لا تفرحوا ولا تبتهجوا اذا ما شاهدتم ان ارصدتكم قد بلغت مئات الملايين من الدولارات لانه بعد حين ستكتشفون بأن المال الحرام المنهوب لا يمكن ان يكون مصدر خير وبركة لسارقيه وناهبيه بل مصدر لعنة ونكبات وعدم شعور بالطمأنينة والراحة .
اقول للسارقين المسربين لاوقافنا بأنكم قادرون بأموالكم ان ترشوا بعض الناس وان تكذبوا على بعض الناس ولكنكم لستم قادرون ان تكذبوا على كل الناس وان ترشوا كل الناس ، قد تنالوا رضى بعض الجهات السياسية ولكن ما فائدة ان يرضى عنكم السياسيون بدون رضى الله الذي بدونه لا نسوى شيئا .
ان التفريط بعقاراتنا واوقافنا الارثوذكسية عمل يستنكره كل انسان عاقل ، والتعدي على اوقافنا الارثوذكسية هو تعدي على حضورنا المسيحي العريق في هذه البقعة المقدسة من العالم ، كما انه تعدي على كافة ابناء شعبنا وامتنا .
لقد اصبحت الصورة واضحة وضوح الشمس لمن لا غشاوة في بصره وبصيرته اما المرتشين الذين فقدوا البصر والبصيرة فهم لا يرون امامهم سوى مصالحهم واجنداتهم الشخصية .
نعيش ازمة حقيقية في كنيستنا ولكنني على يقين بأن الله لن يترك كنيسته وسيتدخل لانقاذ كنيسته في الوقت المناسب وفي الطريقة المناسبة ، ولكن ما نعلمه ايضا بأن هذا الشر الذي نراه امامنا لن يبقى ولن يستديم ، نحن قادمون على مرحلة جديدة ووضع جديد ولن تبقى كنيستنا في حالة الضعف والترهل التي نعيشها منذ عشرات السنين بسبب حفنة من الفاسدين المرتزقة الذين لا يؤمنون برسالة الكنيسة ولا يعبدون الله الحقيقي بل هم عبدة اوثان والههم هو المال الذي يكدسونه ويسرقونه من خلال تصفية اوقافنا وعقاراتنا التي كان من المفترض ان تسخر في خدمة ابناء رعيتنا وشعبنا في هذه الارض المقدسة .
يا ابناء كنيستنا الارثوذكسية لا تفقدوا الامل ولا تستسلموا امام ما نلحظه من مؤامرات تستهدف كنيستنا ، لا تخافوا لان للكنيسة رب يحميها مهما كثر اولئك الذين يطعنون كنيستنا ويسيئون اليها ويستنزفون مقدراتها .
لا تخافوا ايها الاحباء لان كنيستنا هي ام الكنائس وسيعود اليها مجدها وبهائها الذي شوهه هؤلاء المرتزقة العملاء بسلوكياتهم وتصرفاتهم ومواقفهم المعادية للكنيسة ولرسالتها وحضورها في هذه الارض المقدسة.
لن تمر صفقة باب الخليل ولن نسمح للمتطرفين اليهود بالاستيلاء على هذه الابنية التاريخية العريقة الارثوذكسية التي بناها اساقفة ورهبان قديسين واليوم تُباع بأبخس الاثمان من قبل اولئك الذين لا علاقة لهم بعراقة الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة .
انها كلمات قاسية صادرة من قلب مجروح ومتألم على ما حل بكنيستنا التي نفتخر بانتماءنا اليها ، كنيستنا تحمل صليب آلامها وتسير في طريق جلجلتها ، وكما كان الظالمون في ذلك الحين يهتفون قبل صلب المخلص " اصلبه اصلبه " فما نشهده اليوم لا يختلف كثيرا عن ذاك المشهد ، فما اكثر اولئك الذين يصلبون كنيستنا ويطعوننها بتآمرهم وتخاذلهم وخيانتهم وابتعادهم عن القيم الانسانية والاخلاقية والروحية .
اقول بأن الحضور المسيحي لن يغيب عن بلادنا فمهما سرقوا منا اوقافنا واستولوا على عقاراتنا الا انهم لن يتمكنوا من سرقة ايماننا وانتماءنا وتشبثنا بقيمنا الروحية والانسانية والوطنية .
اقول للاعداء سارقي اوقافنا الارثوذكسية ، بأنكم سلبتم منا اوقافنا ونهبتم عقاراتنا ولكنكم لن تتمكنوا من النيل من انتماءنا لكنيستنا ولا نجيلنا وللقيم المسيحية التي ننادي بها ، لن تتمكنوا من سلب انتماءنا لهذه الارض والتي جذورنا عميقة في تربتها ، لن تتمكنوا من اقتلاعنا من مدينتنا المقدسة التي نعشقها وننتمي الى تاريخها وتراثها وهويتها ، لن تتمكنوا من اسكات اصوات اجراس كنائسنا التي ستبقى تنادي بقيم المحبة والاخوة والسلام ، ارثوذكسيتنا هي استقامة عقيدة وفكر وسلوك وهي اصالة ومحبة ورحمة وقيم ، ارثوذكسيتنا هي انتماء اصيل لهذه الارض المقدسة التي تباركت وتقدست بحضور السيد وامه البتول وقديسيه ورسله وشهداءه .
لقد نهبتم مقدرات كنيستنا واصبحنا افقر كنيسة من حيث امتلاك الاوقاف والعقارات بعد ان كنا في وقت من الاوقات من اغنى الكنائس بهذه الاوقاف والعقارات ، جعلتمونا فقراء لانكم سلبتم وسرقتم اوقافنا الارثوذكسية ، نحن فقراء لاننا لا نملك مالا ولا نملك اوقافا ولكننا اغنياء بإيماننا وتراثنا وتاريخنا وعراقة وجودنا ، نحن اغنياء بالقيم التي ننادي بها والرسالة الروحية والوطنية التي نتمسك بها ، نحن اغنياء لاننا نحب كنيستنا ونحب وطننا وننتمي الى شعبنا الفلسطيني ، نحن اغنياء لاننا نعشق هذه الارض وننتمي اليها وندافع عن حرية شعبها ، خذوا ما شئتم من اوقافنا وعقاراتنا واموالنا وابقوا لنا الكرامة والحرية والاخلاق والمبادىء الروحية والانسانية السامية التي لن نتنازل عنها تحت اي ظرف من الظروف ومهما كانت التحديات والصعاب .
لا يضيع حق وراءه مطالب ونحن اصحاب قضية واصحاب حق سوف يعود حتما الى اصحابه ، أما الخونة والمرتزقة والعملاء فهم ذاهبون الى مزبلة التاريخ وهم الذين قرروا بأن يكونوا في مزبلة التاريخ لانهم باعوا ضميرهم بحفنة من الدولارات وخانوا الامانة التي اوكلت اليهم .
ايها الاحباء لا تستسلموا لثقافة اليأس والاحباط والقنوط التي يريدنا البعض ان نكون فيها ، فلتكن معنوياتكم عالية وارادتكم صلبة ، كونوا على قلب رجل واحد وكونوا موحدين بروح من المحبة والالفة والتضامن فنحن قادرون بوحدتنا واخوتنا على افشال كافة المؤامرات التي تستهدفنا.
نحن فلسطينيون ولسنا اقلية في وطننا وشرفاء الشعب الفلسطيني يقفون الى جانبنا في محنتنا كما ان كل انسان شريف في وطننا العربي وفي عالمنا يقف الى جانبنا لان قضيتنا هي قضية حق وهي قضية كنيسة مصلوبة ومتألمة ، انها قضية شعب يسعى للحفاظ على وجوده وتاريخه ويناضل من اجل حريته واستعادة حقوقه السليبة .
وقد جاءت كلمات سيادة المطران هذه صباح اليوم لدى لقاءه وفدا من ابناء الطوائف المسيحية في البلدة القديمة من القدس .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]