سيادة المطران عطا الله حنا لدى استقباله وفدا من ابرشية اثينا الارثوذكسية في بلاد اليونان : " نرفض ان نعامل كالغرباء في وطننا وفي كنيستنا لاننا ابناء هذه الارض الاصليين "
القدس – استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم وفدا كنسيا من ابرشية اثينا في اليونان ضم عددا من الاساقفة المعاونين لرئيس اساقفة اثينا وعددا من الكهنة والرهبان والراهبات والذين وصلوا في زيارة حج الى الاماكن المقدسة في فلسطين، وقد ضم الوفد 50 شخصا حيث تجولوا صباح اليوم في كنيسة القيامة ومن ثم استقبلهم سيادة المطران في كاتدرائية مار يعقوب مرحبا بزيارتهم للمدينة المقدسة .
تحدث سيادة المطران في كلمته عن تاريخ الحضور المسيحي في هذه المدينة المقدسة وعن اهمية الاماكن المقدسة وخاصة كنيسة القيامة مؤكدا اهمية الحفاظ على هذا الحضور الذي لم ينقطع منذ اكثر من الفي عام فلا يجوز لنا ان نكتفي بأن نتغنى بأمجاد الماضي دون ان نلتفت الى واقعنا المأساوي الذي نمر به في هذه الايام .
ان التغني بأمجاد الماضي ومعرفة تاريخنا المجيد هو امر حسن ولكن لا يجوز الاكتفاء به بل يجب ان ننظر بعين ثاقبة ملؤها الايمان والمحبة والمسؤولية لما يحدث في كنيستنا خلال السنوات الاخيرة حيث مرت علينا ازمات متتالية ومستمرة وادى تراكمها الى ما وصلنا اليه اليوم من اخطار محدقة بكنيستنا وبطريركيتنا وحضورنا المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة .
لقد تعلمت في جامعة تسالونيكي في اليونان وفي كلية اللاهوت تعرفنا على اساتذة ومعلمين نعتبرهم قدوة بالنسبة الينا ، وفي الكنيسة اليونانية الشقيقة تعرفنا على اساقفة وكهنة قديسين تعلمنا منهم الكثير ، اما الجبل المقدس فكان الجامعة الحقيقية بالنسبة الينا وما تعلمناه في الجبل المقدس من الاباء القديسين والنساك الورعين الذين عاشوا هناك كان اكثر بكثير مما تعلمناه في كلية اللاهوت ، لقد تعلمنا الشيء الكثير في اليونان واحببنا الشعب اليوناني وما زلنا نحب هذا الشعب الذي نعتبره شعبا شقيقا بالنسبة الينا من الناحية الايمانية وكذلك شعب شقيق لشعبنا الفلسطيني المناضل من اجل الحرية .
لا نكره احدا بسبب انتماءه القومي ولسنا من اولئك الذين يميلون الى نزعة التطرف القومي ، نحترم كل الشعوب وكل القوميات وكل الثقافات الموجودة في عالمنا كما اننا نحترم كافة الكنائس الارثوذكسية الشقيقة التي نتمنى ان تلتفت الى كنيستنا التي تعيش انتكاسة وحالة ضياع وتفكك وتشرذم ، ان كنيستنا المقدسية تمر بظروف مأساوية في ظل مؤامرة يشترك فيها الكثيرون واولهم الاحتلال الذي يبتلع اوقافنا وعقاراتنا بأبخس الاثمان ، يحق لليوناني الارثوذكسي ان يفتخر بانتماءه لبلده اليونان كما يحق للروسي وللروماني وللصربي والبلغاري ولغيرهم ايضا ان يفتخروا بانتماءهم لبلدانهم ، أما نحن المسيحيين الفلسطينيين ابناء هذه الارض الاصليين فنحن نفتخر بانتماءنا للكنيسة الام كما اننا نفتخر بانتماءنا لفلسطين الارض المقدسة ارض الميلاد والقيامة والنور والبركة، ارض الشهداء والقداسة والنعمة ، لا يحق لاحد ان يمنعنا من ان نعبر عن افتخارنا بوطننا وحقنا في ان ندافع عن عدالة قضية شعبنا وكما اننا نحترم خصوصية الاخرين هكذا نتمنى منهم ان يحترموا خصوصيتنا فأبناء الكنيسة الارثوذكسية في كل مكان في هذا العالم ينتمون الى كنيسة واحدة وايمان واحد ويقرأون انجيلا واحد وان تعددت انتماءاتهم القومية واللغات التي يتحدثون بها .
المسيحيون الفلسطينيون في هذه الديار هم ابناء فلسطين وابناء هذه الارض المقدسة التي شهدت اهم الاحداث الخلاصية ونحن نفتخر بأنتماءنا للكنيسة الام الاولى التي شيدت في هذه الارض المقدسة كما اننا نقتخر بانتماءنا للشعب الفلسطيني المناضل والمقاوم من اجل الحرية .
ان تكون مسيحيا ارثوذكسيا هذا يعني ان تكون مخلصا لكنيستك ولحضورها في هذا العالم ، وحضور الكنيسة في عالمنا هو حضور خير وبركة وسلام ودفاع عن كل انسان ومظلوم ومعذب ، يجب علينا ان ندافع عن المظلومين والمضطهدين والمعذبين في هذا العالم وفي مقدمتهم شعبنا الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال وسياساته ، من واجبنا ان ندافع عن فلسطين الارض المقدسة التي يسعى الاعداء لتصفية عدالة قضيتها وابتلاع قدسها ومقدساتها والاستيلاء على اوقافها وعقاراتها عبر ادوات مشبوهة زرعها الاعداء في مدينتنا المقدسة بهدف تمرير مشاريعه وسياساته .
اننا نرفض ان نعامل كالغرباء في وطننا لان الوطن لابناءه ونحن ابناء هذا الوطن الحقيقيين كما واننا نرفض ان نعامل كالغرباء في كنيستنا فالكنيسة كنيستنا والبطريركية بطريركيتنا والمقدسات مقدساتنا والاوقاف اوقافنا ونحن نرفض ان نعامل كالغرباء في كنيستنا لاننا لم نكن غرباء في يوم من الايام في هذه البقعة المقدسة من العالم ، ونحن لسنا بضاعة مستوردة من هنا او من هناك ونحن لسنا جماعة اوتي بنا من هنا ومن هناك نحن ابناء هذه الارض الاصليين ، نحن ابناء فلسطين ومعنا اخوتنا المسلمين شركاءنا في الانتماء الانساني وفي الانتماء الوطني.
نتمنى من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية التي نحترمها بأن تتفهم ما نحن فيه اليوم من خطر محدق بكنيستنا وبحضورنا المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة ، نتمنى ان يصل صوتنا الى كافة الكنائس حيث ان هنالك تعتيم اعلامي على ما يحدث في مدينتنا المقدسة من استهداف غير مسبوق لحضورنا المسيحي وابتلاع لاوقافنا وعقاراتنا التي هي جزء من تاريخنا وتراثنا .
نتمنى من القيادة الكنسية في اليونان ان تكون على قدر كبير من المسؤولية والحكمة فلا يجوز ان ينظر الى الامور من منظور قومي فحسب بل من منظور كنسي وعندما تكون الكنيسة في خطر يجب ان نسعى من اجل انقاذ هذه الكنيسة ومساعدتها لان اضعاف وتهميش الحضور المسيحي في مدينتنا وفي ارضنا المقدسة انما يعتبر انتكاسة لنا جميعا وبكافة المقاييس .
لا نعادي اليونان ولكننا نرفض ان يأتي الينا من يبيع ويفرط بعقاراتنا ويتآمر على حضورنا المسيحي في هذه الارض المقدسة ، لا نعادي اي قومية او اي شعب في هذا العالم ولكننا نرفض ان نكون مستعمرين في وطننا وفي كنيستنا ونرفض ان نعامل بعنصرية وتمييز كفلسطينيين وكمسيحيين ، نحن نرفض التمييز العنصري عندما يمارس من الدول ولكننا نرفضه ايضا عندما يمارس من المؤسسات الدينية التي من المفترض ان تكون رافضة لمسألة التمييز والعنصرية .
نتمنى ان تتعرفوا عن كثب على حقيقة ما يحدث في كنيستنا وفي مدينتنا فما ينشر في بعض وسائل الاعلام انما هو مغاير للحقيقة والوقائع ، ان معالجة الحالة التي وصلنا اليها لا يمكن ان تتم من خلال تجاهلها بل من خلال معرفتها واتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لوقف هذا النزيف الذي استمراره يعني القضاء على ما تبقى من حضور لكنيستنا في هذه الارض المقدسة .
وضع سيادته الوفد في صورة ما يحدث في مدينة القدس وبحق الاوقاف المسيحية المستباحة ، أما اعضاء الوفد فقد شكروا سيادة المطران واعربوا عن رغبتهم بالاطلاع عن كثب على ما يحدث ، ان زيارتنا هي زيارة تقصي حقائق ورغبة متقدة في معرفة حقيقة ما يحدث في كنيسة القدس وفي المدينة المقدسة بشكل عام ، لن نكون صامتين امام ما يحدث ولن نستسلم لهذه المؤامرة التي تتعرض لها الكنيسة المقدسية .
سيادة المطران قدم للوفد ايضا بعض الاقتراحات والافكار العملية .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]