سيادة المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا حقوقيا سويديا : " نزيف الهجرة المسيحية انهكنا واضعف وجودنا واليوم يتآمرون على عقاراتنا واوقافنا بهدف تصفية ما تبقى من حضور مسيحي في هذه الديار "
القدس – وصل الى المدينة المقدسة اليوم وفد حقوقي سويدي اتى للتضامن مع شعبنا الفلسطيني وللاطلاع بشكل خاص على ما تتعرض له مدينة القدس وخاصة ما تتعرض له الاوقاف المسيحية .
وقد ضم الوفد عددا من الشخصيات الحقوقية ورجال الدين والاعلاميين الاتين من السويد .
وقد استهل الوفد المكون من 17 شخصا زيارته للمدينة المقدسة بلقاء سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس الذي استقبل الوفد في كاتدرائية مار يعقوب مرحبا بزيارتهم للمدينة المقدسة وشاكرا اياهم على مواقفهم النبيلة المؤازرة لشعبنا الفلسطيني .
وضع سيادة المطران الوفد في صورة اوضاع مدينة القدس وما تتعرض له مقدساتنا واوقافنا الاسلامية والمسيحية ، كما تحدث سيادة المطران عن السياسات الاسرائيلية المتسارعة والتي تتم بوتيرة غير مسبوقة في المدينة المقدسة بهدف تغيير ملامح المدينة المقدسة وتزوير تاريخها وطمس معالمها والنيل من طابعها .
وقد بتنا في السنوات الاخيرة نلحظ تغييرات جذرية في مدينة القدس تندرج في اطار طمس البعد الفلسطيني للمدينة المقدسة وتهميش الحضور الاسلامي المسيحي الوطني في هذه المدينة .
خلال السنوات الاخيرة بتنا نلحظ في المدينة المقدسة تسارعا في وتيرة السياسات الاحتلالية فكل شيء فلسطيني اسلامي او مسيحي مستهدف ومستباح ، اما الفلسطينيون فهم يعاملون وكأنهم ضيوف في هذه المدينة المقدسة تُفتح الابواب لهم متى تشاء السلطات الاحتلالية وتغلق متى تشاء وما شاهدناه خلال الايام المنصرمة في الاعياد اليهودية انما هو مؤشر خطير على ما نحن مقبلون عليه من تغييرات جذرية في المدينة المقدسة تندرج في اطار السياسة الاحتلالية الممنهجة بحق مقدساتنا ومؤسساتنا وابناء شعبنا .
ان السلطات الاحتلالية استغلت الاوضاع الفلسطينية الداخلية كما استغلت الوضع العربي المترهل واستغلت انحياز بعض الدول الغربية لاسرائيل وقامت بافعال لم تقم بها منذ عام 67 ، خلال السنوات الاخيرة اقدمت السلطات الاحتلالية على مشاريع وافعال في المدينة المقدسة وبخطى متسارعة وحثيثة وكأنها في سباق مع الزمن وكل هذا على حساب الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية في مدينة القدس التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمتهم الروحية والوطنية .
اذا ما استمرت وتيرة هذه السياسات لن يبقى شيئا للفلسطنيين ويبدو ان هذا ما تخطط له السلطات الاحتلالية ولكن من ناحية اخرى فإن الفلسطينين لا يتحدثون عن وطنهم بدون القدس العاصمة التي يدافع عنها الفلسطنييون بكل بسالة وهم يقفون في الخطوط الامامية في تصديهم للسياسات الاحتلالية التي تستهدف كل شيء فلسطيني في هذه المدينة المقدسة .
ان حل القضية الفلسطينية يجب ان يكون من خلال اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس ، ان حل القضية الفلسطينية لا يكون من خلال تصفيتها والتآمر عليها وابتلاع القدس وانما من خلال اعطاء الحقوق المشروعة لشعبنا الذي يحق له ان يعيش بحرية في وطنه مثل باقي شعوب العالم .
لن يقبل الفلسطينيون بحلول استسلامية غير منصفة لا تعيد الحقوق السليبة كاملة لاصحابها ، لن يقبل الفلسطينيون بحل للقضية الفلسطينية بدون القدس التي تُبتلع يوما بعد يوم ، لن يقبل الفلسطينيون بحل للقضية الفلسطينية بدون حق العودة اذ يحق لكل فلسطيني شرد عن وطنه ان يعود اذا ما شاء ذلك والغالبية الساحقة من الفلسطينيين المنكوبين والمشردين انما تنادي بحق العودة وهي متمسكة بهذا الحق الذي لا يسقط بالتقادم .
مشكلتنا اليوم مع بعض الدول الغربية انهم بدل من ان يبذلوا جهودا لحل عادل للقضية الفلسطينية نراهم ينحازون للاحتلال ويبررون سياساته ويدعمون ممارساته وهم في ذلك شركاء في الجريمة المرتكبة بحق شعبنا، ان بعض السياسات الغربية وخاصة الامريكية هي جزء من المشكلة وانعدام وجود حل عادل للقضية الفلسطينية ، ان الانحياز الامريكي لاسرائيل هو سبب اساسي من اسباب ما وصلنا اليه اليوم من انعدام وجود بصيص امل لحل عادل للقضية الفلسطينية .
ولكن وبالرغم من كل ذلك فإن شعبنا الفلسطيني باق على العهد ومهما طال الزمان وكثر المتآمرون والمتخاذلون فسيبقى شعبنا متمسكا بثوابته الوطنية ، ان شعبنا يعشق الحرية وفي سبيلها قدم وما زال يقدم التضحيات الجسام .
ان مسألة التنازل والتفريط بالحقوق ليست موجودة في قاموسنا كفلسطينيين ، فالقدس لنا وستبقى لنا وكل ما تم استحداثه من قبل سلطات الاحتلال انما هو باطل وغير قانوني وغير شرعي ، القدس ستبقى عاصمة لنا كفلسطينيين مهما تآمروا عليها وسعوا لتصفية معالمها وتزوير تاريخها ، القدس ستبقى لاصحابها ، وما دام هنالك شعب فلسطيني ينبض بالحياة فسيبقى هذا الشعب يدافع عن القدس ويدافع عن وطنه وقضيته العادلة لاننا نعتقد بأنه لا يضيع حق وراءه مطالب ومهما طال الزمان فلا بد للحق ان يعود لاصحابه وان يزول الاحتلال وان ينعم شعبنا بالحرية والسلام والاستقرار في وطنه وفي هذه البقعة المقدسة من العالم .
اما الحضور المسيحي الفلسطيني في هذه الارض المقدسة فهو يتعرض لتحديات وجوديه ، لقد تراجعت اعداد المسيحيين بشكل مذهل خلال السنوات الاخيرة والهجرة المسيحية ما زالت مستمرة ومتواصلة ، ومسألة العقارات المسيحية التي يتم بيعها بأبخس الاثمان انما تساهم في مسألة افراغ هذه الارض من مسيحييها ولذلك فإننا نتوقع من الكنائس المسيحية في عالمنا بان تلتفت الى ما يحدث مع الحضور المسيحي العريق في بلادنا ، فأوقافنا مستباحة وحضورنا مهدد ، وهنالك من يتآمرون على الحضور المسيحي ويخططون لاضعافه وتهميشه .
يريدون للمسيحيين الفلسطينيين الباقين في ديارهم ان يحزموا امتعتهم وان يغادروا الى بلاد الاغتراب ونحن نقول لابناءنا ابقوا في دياركم فمن يحب كنيسته ووطنه عليه ان يبقى في هذه الارض وان يدافع عن كنيسته المستهدفة وعن وطنه الذي يتم التآمر عليه .
المبادرة المسيحية الفلسطينية انما هي صوت مسيحي فلسطيني من قلب معاناة شعبنا ونتمنى ان يصل هذا الصوت الى كل مكان ، لا نريد ان يختفي الحضور المسيحي من هذه الارض المقدسة ، كفانا ما حل بنا من نكبات ونكسات ، كفانا ما حل بنا من آلام وجراح ومعاناة ، ونزيف الهجرة انهكنا واضعف وجودنا واليوم يتآمرون على عقاراتنا واوقافنا لكي يفتحوا الطريق امام من بقي من مسيحيين لكي يغادروا هذه الديار .
انها مؤامرة واضحة وضوح الشمس ونتمنى من كافة المهتمين بالشأن الفلسطيني ان يولوا اهتماما بهذه القضية الهامة والاستراتيجية بالنسبة الينا ، فبهاء وجمال فلسطين لن يكون الا من خلال هذا الحضور المشترك الاسلامي المسيحي والعيش المشترك بين كافة مكونات شعبنا الفلسطيني.
ندعوكم للذهاب الى باب الخليل والى غيرها من الاماكن في المدينة المقدسة لكي تعاينوا الاخطار المحدقة بمدينتنا والتي سنبقى ندافع عنها مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات .
لقد اتصل بي احد الاصدقاء يوم امس وقال لي بأننا نخاف عليك من ان يتم الاعتداء عليك واستهدافك لان اعداءنا لا يريدون ان يكون هنالك صوت كنسي يدافع عن الحضور المسيحي الفلسطيني العريق في هذه الارض المقدسة ، فكان جوابي لهذا الصديق وهو مطران من كنيسة ارثوذكسية شقيقة بأننا لن نخاف اي تهديد او وعيد ولن نخاف اي استهداف مهما بلغت خطورته لان كلمة الحق يجب ان تقال مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات .
تعرفوا على شعبنا الفلسطيني وعلى معاناته والامه وجراحه واذهبوا الى المدن والبلدات والمخيمات لكي تشاهدوا بأم العين هذا الشعب المناضل المكافح من اجل الحرية ، هذا الشعب الذي يستحق الحرية والذي سينالها حتما مهما كثر المتآمرون على عدالة قضيته .
اجاب سيادة المطران على عدد من الاسئلة والاستفسارات اما اعضاء الوفد فقد شكروا سيادة المطران على كلماته ووضوح رؤيته ودفاعه عن قضية شعبه العادلة واعربوا عن تضامنهم معه ووقوفهم الى جانبه ورفضهم لاي استهداف من اي نوع كان قد يتعرض له سيادة المطران بسبب تصديه لسياسة تصفية العقارات المسيحية وانحيازه الى جانب شعبه ودفاعه الدائم عن القدس ومقدساتها .
كما تم التداول في هذا اللقاء في كيفية التعاون المستقبلي بهدف ابراز عدالة القضية الفلسطينية بشكل عام والمخاطر المحدقة بالحضور المسيحي في فلسطين والقدس بشكل خاص .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]