سيادة المطران عطا الله حنا لدى استقباله وفدا من الشخصيات المقدسية : " من له اذنان للسمع فليسمع فإن حضورنا المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة في خطر شديد "
القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم السبت بأننا نعرب عن شجبنا واستنكارنا ورفضنا لكافة الصفقات المشبوهة التي يتم من خلالها تسريب عقاراتنا واوقافنا الارثوذكسية لجهات بعضها معروف الهوية وبعضها مجهول وفي كلتا الحالتين فإن تسريب العقارات وبيعها بأبخس الاثمان انما هو امر مرفوض من قبلنا جملة وتفصيلا وهي ظاهرة ترفضها الغالبية الساحقة من ابناء رعيتنا وكذلك كافة ابناء شعبنا الفلسطيني .
نحن امام كارثة وانتكاسة حقيقية لا يمكن وصفها بالكلمات ولم يعد كافيا اصدار بيانات شجب واستنكار ورفض لهذه التجاوزات الخطيرة التي تحدث بحق كنيستنا وبحق الحضور المسيحي الفلسطيني العريق والاصيل في هذه الارض المقدسة ، لقد اصبح من العار الصمت امام هذه التجاوزات ولا يجوز الاكتفاء ببيانات الاستنكار والتنديد بل يجب اتخاذ اجراءات عملية بهدف وقف هذه التجاوزات والعمل على استعادة ما يمكن استعادته من اوقاف وعقارات ارثوذكسية مسربة بطرق غير قانونية وغير شرعية .
ان اوقافنا الارثوذكسية ليست سلعة معروضة للبيع ، والاوقاف اصلا لا تباع وانما تستثمر من اجل مصلحة الرعية والكنيسة وابناء شعبنا بشكل عام ، ولكن ما نلحظه هو عملية تصفية ممنهجة لعقاراتنا واوقافنا الارثوذكسية في القدس وفي سائر ارجاء ارضنا المقدسة وهذا يندرج في اطار استهداف الحضور المسيحي العريق والاصيل في هذه البقعة المقدسة من العالم .
اقول لمن له اذنان للسمع لكي يسمع بأن كنيستنا الارثوذكسية في هذه البلاد تمر بمرحلة شديدة الخطورة ، ان كنيستنا في خطر ، ان حضورنا المسيحي الفلسطيني الاصيل في خطر واستهداف اوقافنا وعقاراتنا انما يندرج في اطار ما يتعرض له الحضور المسيحي في هذه البقعة المقدسة من العالم من استهداف وتآمر ومحاولات هادفة لاضعاف وتهميش هذا الحضور .
من هو المستفيد من تصفية الاوقاف الارثوذكسية بهذه الوتيرة المتسارعة وبأبخس الاثمان ، من هو المستفيد من كل هذه الصفقات المشبوهة التي يتم من خلالها تسريب عقاراتنا الارثوذكسية التي هي جزء من تاريخنا وتراثنا .
لا يجوز القبول بهذا الواقع المأساوي الذي يرسمه الاعداء لنا ، لا يجوز الاستسلام لهذه المؤامرات التي تندرج في اطار تصفية الحضور المسيحي في هذا المشرق العربي .
لقد اوجدوا لنا المنظومة الداعشية الدموية الارهابية الخارجة عن السياق الانساني والحضاري بهدف افراغ منطقتنا العربية من المسيحيين وغيرهم من المواطنين ، أما عندنا في فلسطين فقد اوجدوا لنا داعش بثوب اخر ، اوجدوا لنا ادوات تستعمل وتسخر في خدمة المشاريع الاستعمارية العنصرية الهادفة لتصفية وجودنا التاريخي العريق في هذه الارض المقدسة.
ان نسبتنا اليوم كمسيحيين في هذه الارض المقدسة لا تتجاوز ال 1% واذا استمر الوضع على ما هو عليه قد نصل الى 0% وهذا ما يتمناه الاعداء الذين يزعجهم الحضور المسيحي الفلسطيني الوطني في هذه الارض المقدسة .
ان اولئك الذين يسربون عقاراتنا ويبيعونها بأبخس الاثمان انما قد خانوا الامانة ولا يمثلوننا بأي شكل من الاشكال ولا علاقة لهم بعراقة الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة واولئك الذين يبررون ويغطون هذه الجرائم انما هم شركاء في هذه الجريمة .
لقد قرأنا مقالات ومواقف من قبل اشخاص مشبوهين مدفوعي الاجر يدافعون عن هذه التجاوزات وعن هذه الجرائم المرتكبة بحق كنيستنا وهؤلاء هم شركاء في هذه التجاوزات وهذه الاخطاء وهذه الجرائم التي ترتكب بحق المسيحيين في هذه الارض المقدسة .
ان قوى الشر العالمية الصهيونية والماسونية تدعم هؤلاء المفرطين بأوقافنا وعقاراتنا وتقدم لهم غطاء ومساندة ولكن لا يمكن للشر ان يبقى وان يستديم ولا يمكن لهؤلاء السماسرة والعملاء والمرتزقة أن يستمروا في غيهم وتجاوزاتهم وافعالهم الشريرة بحق كنيستنا .
لا يمكن لهذا الواقع ان يبقى وان يستمر وعلى كل واحد منا تقع مسؤولية ان يقوم بواجبه تجاه كنيسته وشعبه ووطنه وقدسه .
ان مسألة العقارات الارثوذكسية المستباحة ليست مسألة ارثوذكسية فحسب وليست مسألة مسيحية فحسب بل هي مسألة فلسطينية وطنية بامتياز تندرج في اطار سياسات تصفية القضية الفلسطينية وتصفية كل ما له علاقة بالبعد الفلسطيني في المدينة المقدسة ، يسعون لبيع كل شيء حتى نصل الى مرحلة نتساءل فيها ماذا بقي لنا في القدس وماذا بقي لنا في هذه الارض المقدسة .
نحن نمر في مرحلة نحتاج فيها الى اناس صادقين مؤتمنين يتحلون بالوعي والحكمة والاستقامة ونحن لا نراهن على اصحاب الاجندات الشخصية ولا نراهن على اولئك الذين يتلقون الاموال الممزوجة بالخيانة والعمالة للتغطية على هذه الجرائم التي ترتكب بحق كنيستنا ، نحن نراهن على اولئك الذين يتحلون بالصدق والوعي والحكمة والرصانة ، نحن نراهن على الصادقين المستقيمين في هذا الزمن الرديء الذي بتنا فيه نلحظ بأن الكذب والنفاق اصبح وجهة نظر .
وكما رفضنا افعال داعش الاجرامية في مشرقنا العربي هكذا فإننا نرفض ما يقوم به من لا يختلفون كثيرا عن داعش في هذه الارض المقدسة وهم يستهدفون الحضور المسيحي بوسائل وانماط وادوات مختلفة ومتعددة .
نتمنى ان يصحوا البعض من كبوتهم قبل فوات الاوان ، نتمنى ان تزول الغشاوة عن الابصار لكي يرى الجميع حقيقة ما يحدث وما يحدث على الارض لا يمكن وصفه بالكلمات ، انها مجزرة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني بحق اوقافنا واستهداف اوقافنا هو استهداف لوجودنا ولهويتنا ولانتماءنا لهذه الارض المقدسة .
اوجه ندائي اولا لابناء رعيتنا الارثوذكسية بأن يكونوا على قدر كبير من الحكمة والمسؤولية في هذه الظروف العصيبة التي نمر بها حيث التضليل الاعلامي هو سيد الموقف وهنالك تزوير للوقائع والحقائق بشكل متعمد ولكن اصبحت اليوم الصورة واضحة وضوح الشمس ونتمنى من الجميع ان يتحملوا مسؤولياتهم الروحية والوطنية والانسانية تجاه ما يحدث بحق مقدساتنا واوقافنا وحضورنا المسيحي في هذه الارض المقدسة .
اقول لاخوتنا من الكنائس المسيحية الاخرى بأن استهداف الكنيسة الارثوذكسية هو استهداف لكافة المسيحيين ولكافة الكنائس المسيحية في بلادنا ، ولذلك فإننا نتمنى منكم ان تكونوا الى جانبنا ونحن نمر بهذه المحنة ، علينا ان نتعاون مع بعضنا البعض وان نتضامن مع بعضنا البعض وان نكون في اخوة ولُحمة ونحن نقاوم قوى الشر التي تستهدفنا وتستهدف عراقة وجودنا في هذه الارض المقدسة .
اما ابناء شعبنا الفلسطيني فنتمنى ان يكونوا معنا ونحن نتعرض لهذه المؤامرة الغير مسبوقة ، فنحن لا نتوقع من الغرب ان يحمي وجودنا المسيحي في هذه الارض المقدسة فالغرب له مصالحه واجنداته السياسية اما نحن ابناء هذه الارض المقدسة فمن واجبنا ان نعمل معا وسويا من اجل ان نحافظ على قدسنا ومقدساتنا ووطننا الذي يستهدف بوسائل معهودة وغير معهودة ، نحن نراهن على شعبنا الفلسطيني لاننا نعتقد بأن استهداف الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة انما هو استهداف لكافة الشعب الفلسطيني واستهداف للقضية الفلسطينية ولهذه الارض المباركة .
نتمنى من كافة الشرفاء من ابناء شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية ان يلتفتوا الى هذه المأساة التي نمر بها ، فنحن نمر بمأساة وكارثة حقيقية تهدد وجودنا وبقاءنا وثباتنا وصمودنا في هذه الارض المقدسة .
تصوروا ماذا يمكن ان تكون صورة فلسطين بدون مسيحييها ، تصوروا كيف يمكن ان يكون حال امتنا بدون المكون المسيحي الاصيل في هذا المشرق العربي ، المستفيد الحقيقي من افراغ بلادنا ومنطقتنا من الحضور المسيحي انما هم اعداءنا المتربصون بنا والساعون لتصفية قضيتنا وتشويه وجه مشرقنا والنيل من تاريخنا وتراثنا وعراقة وجودنا في هذه المنطقة .
وقد جاءت كلمات سيادة المطران عطا الله حنا هذه لدى لقاءه صباح اليوم وفدا من الشخصيات الاسلامية والمسيحية في القدس القديمة حيث تم التداول حول مسألة الاوقاف المسيحية المسربة وما تم نشره مؤخرا في وسائل الاعلام حول صفقات مشبوهة اظهرت بأن هنالك عمليات بيع لاوقاف مسيحية بأبخس الاثمان
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]