واصلت لجنة الدستور والقضاء البرلمانية في الأسابيع الأخيرة جلساتها لتشريع قانون الاعتقالات الادارية وأوامر تقييد التنقل والحركة، وذلك استمرارًا لتشريع ما يسمى "قانون مكافحة الارهاب" الذي تم تشريعه بنهاية العام الماضي. وكانت وزارة القضاء، بتعليمات مباشرة من وزيرة القضاء اييليت شاكيد، قد بادرت إلى طرح مشروع قانون حكومي حول الاعتقالات والتقييدات الإدارية يهدف إلى توسيع صلاحيات وزير الأمن باصدار الأوامر الادارية المختلفة.
ويشمل مشروع القانون منح صلاحيات لوزير الحربية تخوّله، بشكل غير مسبوق بالقانون الإسرائيلي، فرض تقييدات على المواطنين تشكّل مسّا بحقوقهم الأساسية وحرياتهم الشخصية كحرية التنقل والحركة وحرية العمل، وكذلك مسًّا بكرامة الانسان والحق في التملك وغيرها من الحقوق والحريات، بحيث يتم سلبها حسب مقترح القانون تحت ذرائع "الحفاظ على الأمن وسلامة الجمهور".
ويمنح مشروع القانون الجديد وزير الحربية تحديدًا صلاحيات ادارية تشمل الاعتقال الاداري لفترات غير محدودة، تحديد أو سلب حرية الحركة وحرية التنقل لشخص أو لمجموعة من الاشخاص، لمكان معين أو منطقة محددة، وكذلك منع التواصل الشخصي بين مواطنين. وهي صلاحيات كانت حتى الآن ضمن قوانين الطوارىء الانتدابية من العام 1945 التي اعتمدتها إسرائيل بعد قيام الدولة، وغالبًا ما تم استعمالها ضد المواطنين العرب تحديدًا في فترة الحكم العسكري حتى أواخر الستينيات من القرن الماضي.
وقد حذّر النائب د. يوسف جبارين، الذي يتابع مداولات لجنة الدستور حول القانون الجديد، بأن الحديث يدور عن صلاحيات استبدادية سيتم اعتمادها بشكل اداري، اي بقرار مباشر من وزير الأمن وليس من هيئة قضائية، مما سيصعّب على من تصدر الأوامر ضده امكانية الاستئناف على القرار بسبب سريّة المعلومات ومحدودية التدخل القضائي. وقال جبارين بأن الهدف من هذا القانون هو فرض مزيد من التقييدات على المواطنين العرب ومنح أجهزة الدولة وأذرعها الأمنية صلاحيات شبه مطلقة تمكنها من اطلاق يدها لاصدار اوامر تعسفيّة كالاعتقال الاداري وفرض تقييدات على الحركة والتنقل دون الكشف عن سبب الاعتقال والتقييد، والاكتفاء بالتلويح بالذرائع الأمنية المختلفة، مما يجعل الحريات الشخصية والسياسية وحقوق الانسان الطبيعية رهينة بايدي المؤسسة الأمنية.
كما وحذّر جبارين أن تشريع هذه الصلاحيات ضمن منظومة قانونية جديدة في القانون اسرائيلي يأتي كمقدمة لاستعمالها بشكل واسع من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وذلك في ظل اوامر الاعتقال الادارية التي صدرت مؤخرًا ضد ثلاثة شبان عرب من منطقة وادي عارة.
وأكد جبارين بأن تشريع هذا القانون هو مؤشر إضافي خطير على استمرار توجهات هذه الحكومة لقمع الحريات وتصعيد أدوات الملاحقات السياسية تحت ذرائع امنية ممجوجة، مشيرًا إلى أنه بدلا من أن تلغي الحكومة قوانين الطوارئ الانتدابية الاستبدادية فانها تشرعنها رسميًا وتضمّها لكتاب القوانين الإسرائيلي لتصبح اداة قمع اضافية وسوطًا مسلطًا على رقاب المواطنين العرب.
[email protected]