بحضور العشرات من الجمعيات العربية واليهودية، الفاعلة في مجال حقوق الإنسان والحريّات والتنمية، اطلق مركز "إعلام" يوم الجمعة الفائت مجلس الدفاع عن الحريّات، وهي مبادرة الأولى من نوعها، بدعم وتشجيع من الإتحاد الأوروبيّ.
ويتشكّل المجلس من جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، اضافة إلى عددٍ من الشخصيات الاعتبارية المعروفة جماهيريًا وقضائيًا.
ويأتي تشكيل المجلس في أعقابِ التطورات الأخيرة ونهج الحكومة اليمينية الذي أدى إلى خفضِ سقف العمل السياسيّ والاجتماعي وتقليص هوامش الحريات المتاحة من خلال فرض سياسات وأوامر قمعيّة وتشريع عدد من الأنظمة والقوانين التي تمس بحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الأقلية الفلسطينية بشكل خاص، سواءً الفردية أو الجماعية.
وتحدث في حفل التأسيس، الذي ادارته خلود مصالحة، عددٌ من الشخصيات الاعتبارية والقياديّة مباركين المبادرة ومتطرقين إلى التحديات التي تواجهها، تلك المؤسساتيّة أو المجتمعيّة، خاصة قيما يتعلق بجدوى الشراكة العربية- اليهوديّة.
متحدثون ومداخلات مباركة
وبدأ حفل التأسيس بكلمة من رئيس قسم الإعلام والسياسة في الإتحاد الأوروبيّ، مارك غلاغير، الذي اعتذّر عن تعذّر سفير الإتحاد الأوروبي من حضور حفل التأسيس متطرقًا إلى دعم الإتحاد الأوروبي لعددٍ من المؤسسات العربية واليهودية في عددٍ من المشاريع.
كما وتطرق السيد غلاغير إلى عددٍ من الأوراق والمبادرات السياسية التي يعمل الاتحاد الأوروبي على دعمها وإلى مبادرات ومشاريع جديدة بدأ الاتحاد دعما تباعًا للتطورات.
وذكر السيد غلاغير انّ المشروع الحالي هو الأكثر تحديًا من مجمل المشاريع التي قُدّمت للاتحاد الأوروبي، فهو يهدف إلى دفع المؤسسات إلى العمل سوية من أجل الدفاع عن مساحة الحريات، خاصة بعد التضييق التي تتعرض له مؤسسات المجتمع المدني.
بدوره، قام بروفسور أمل جمّال، مدير مركز "إعلام" بعرض المشروع على الجمعيات والشخصيات المشاركة، مشيرًا أن عملية التجنيد لشركاء في المشروع تمت بعد لقاء عدد كبير من الجمعيات والشخصيات، وأنّ المجلس المذكور يهدف إلى جمع أكبر ائتلاف لمؤسسات من أجل الدفاع عن حريات اساسية لم تعد في إطار المفهوم ضمنًا، والحديث ليس فقط عن حريات سياسية إنما هنالك تضييقات على الحريات الثقافية ايضًا.
واشار بروفسور جمّال أنه ملقاة على عاتقنا، كمؤسسات حقوقية ومجتمع مدني، المسؤولية في أن نقوم بتشخيص الوضع سوية والخروج بخطة عمل، استراتيجية، قادرة على الدفاع عن الحريات خاصة وأنّ الفرضية المبنية عليها المشروع أن الواقع تغيّر.
وأوضح جمّال أنّ الوضع الحالي لا يشير فقط إلى تضييق الحيز العام الحريات إنما تجريم الأشخاص والجمعيات الفاعلة والمدافعة عن الحريات مما يستدعي هذا التكاتف والالتفاف.
كما وأشار جمّال إلى أنّ الديمقراطية هي نظام يستدعي الحاجة للدفاع عنه نظرًا وأنه يخالف الطبيعية البشرية ومعرض دائمًا للتحايل والتلاعب عليه والمثال على ذلك استغلال المنظمات اليمين كما "ام ترتسو" ادوات هذه النظام لفرض معتقدات ومواقف فاشية.
وتطرق بروفسور جمّال إلى الموضوعات التي ستعامل معها المجلس والنطاق الجغرافي لها مؤكدًا أنّ هذا ما يقرره الأعضاء خلال الاجتماعات المستقبلية.
النائب د. يوسف جبارين، الذي شارك حفل التأسيس، شكر في كلمته الإتحاد الأوروبي على دعمه هذا المشروع داعيا إلى دعم مشاريع اضافية تعمل على الدفاع عن الحريات والديمقراطية. كما ودعى الإتحاد إلى اخذ دور سياسي أكبر في الضغط على إسرائيل لتغيير نهجها الماضية به مؤخرًا من خلال حكومات اليمين.
وتطرق د. جبارين إلى المبادرة واصفًا اياها بالمبدعة خاصة وأنها تجمع كل المؤسسات للدفاع سوية وهو أمر ضروري في مرحلة الحاليّة والتي تتصف بالسلطوية والهجومية على كل مؤسسة تعني بحقوق الإنسان والحريات. مضيفًا أن الحريات التي تمس ليست فقط للأقلية العربية إنما حريات المجتمع عامة في خطر.
بدورها، اثنت د. ميري توتري، وهي جزء من المشروع، على الحضور مؤكدة أنّ هذا العدد من المؤسسات مؤشر على أهمية وضرورة المبادرة.
وأوضحت أنه مؤخرًا بدأت تلحظ أن مواقف الطلاب باتت تتجه إلى اليمين أكثر، خاصة مع الهجوم على الجمعيات والمؤسسات اليسارية، وتواطىء الإعلام مع ذلك، الأمر الذي يستدعي تشكيل هذا الائتلاف والعمل على دفعه والمضي به قدمًا.
بدوره، رحب القاضي المتقاعد د. أحمد ناطور، وهو ايضًا جزء من المشروع، بالحضور عامة ومن السلطة الفلسطينية خاصة، مشيرًا إلى أنّ خرق حقوق الإنسان أكثر ما يتجلى في الأراضي الفلسطينية، وهم احوج الى الحريات منا.
وتطرق سيادة القاضي إلى ما تقوم بها جماعات تدفيع الثمن الإجرامية، بتغذية ودفع من تصريحات سياسية، واصفًا عملها ونهجها بعمل النازية وجماعات استهدفت اليهود.
وعدد سيادة القاضي ان هنالك عدد كبير من القوانين التي شرعت مؤخرًا تشتم منها رائحة العنصرية كقانون القومية، والنكبة وقانون المؤذن لكن المؤسف أكثر أن القيادة الإسرائيلية باتت تبحث وبشكل يومي عما يمكن أن يضر العرب أكثر ويضر المؤسسات الفاعلة في مجال الدفاع عن الحريات.
وتطرق سيادة القاضي إلى مدى تعارض هذه التشريعات مع النظم والمواثيق الدولية مضيفًا أن غياب أفق سياسي يشير إلى ضرورة العمل داخليا والدفاع عن انفسنا داخليا وهذا ما يفترض بالمجلس أن يقوم بعمله في المستقبل.
د.يوليا زملينسكي، مدير مؤسسة "مورشتينو"، والتي تعمل على الدفاع عن حقوق اليهود القادمين من روسيا، تحدثت خلال حفل التأسيس مشيرة إلى أهمية جمع أكبر ائتلاف حول عمل المجلس. وأوضحت خلال كلمتها أنّ الغريب في هذا التأسيس أننا ندافع عن أنفسنا وعن شرعيتنا وليس فقط عن الحريات!
وقالت أنّ التضييق على الحيز العام ومهاجمة الديمقراطية لا يقتصر على اسرائيل، إنما نلحظ هذا التحول عالميًا، في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى، والسؤال المطروح الآن ماذا علينا أن نفعل لكي ننقذ ما تبقى؟!.
سفير فلسطين في امريكا اللاتينية، د. محمد عودة، تحدث ايضًا في حفل التأسيس مشيرًا إلى أن الفلسطيني يعاني من انعدام الحريات بشكل مزدوج، خاصة في ظل الإحتلال. وحذّر د. عودة الإسرائيلي من استمرار نهج الحكومة الحاليّ والذي لا يضر بالفلسطيني فقط إنما يضر بالمجتمع الإسرائيلي ذاته!.
تعقيب المؤسسات الشريكة وعن المجلس
وقدّم خلال حفل التأسيس ممثلو الجمعيات الحقوقية كل منهم مداخلة، تطرق إلى المبادرة وإلى التحديات التي تواجهها وإلى مدى التزام المؤسسة التي يمثلها بهذه المبادرة، وسط أجماع على أهميتها وضرورة دعمها.
يُشار إلى أنه ووفق المخطط سيعمل هذا المجلس على المساهمةِ في تطوير إستراتيجية عمل منظمة ومتكاتفة تهدف إلى مواجهةِ النهج السلطويّ والدفاع بصورة وحدوية عن الحريات منها؛ حرية التعبير، حرية الضمير، حرية التنظيم في مجموعات وما إلى ذلك من حريات.
وسيقوم المجلس المذكور بعقد لقاءات شهرية لمدة عام من أجل العمل على بناء خطة استراتيجية قادرة على تخطي وتجاوز التحديات التي تواجه كل من يؤمن بالحريات بما في ذلك مجتمعنا. وسيتم وضع خطة عمل لترجمة الاستراتيجية التي يتم تطويرها الى ثلاث مستويات نشاط مختلفة؛المستوى التشريعي والمستوى الإداري والمستوى الإعلامي.
[email protected]