اعتبر الكرملين أن تكثيف هجمات " داعش"، بما في ذلك استيلاؤه على مدينة تدمر بريف حمص، جاء على خلفية انعدام التعاون العملي مع الدول الأخرى، وبالدرجة الأولى أمريكا، في محاربة الإرهاب.
وقال دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي، الاثنين 12 ديسمبر/كانون الأول، إن التنسيق الفعلي للعمليات العسكرية والتعاون مع دول أخرى، وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة، كان من شأنه أن يسمح لكافة الأطراف بالحيلولة دون وقوع مثل هذه الهجمات. لكن واشنطن ترفض حتى إطلاق التعاون مع روسيا.
وأضاف أن هجوم "الدواعش" على تدمر يدل مرة أخرى على حجم الخطر الهائل الذي يمثله "داعش". وأكد أن روسيا ستواصل دعم الجيش السوري في محاربة الإرهاب.
كما أشار بيسكوف إلى "عملية إجبار مجموعات كبيرة من الإرهابيين على الخروج من العراق، ما يتيح لهم إنشاء تشكيلات ومجموعات كبيرة نسبيا في أراضي سوريا والبدء بشن هجمات".
وعبر الناطق باسم الرئيس عن أمله في وضع حد لهجمات "الدواعش" في سوريا في أقرب وقت.
وفي الوقت نفسه، اعتبر بيسكوف أنه من غير الصحيح الحديث عن "فقدان روسيا لتدمر"، داعيا المجتمع الدولي إلى بذل الجهود من أجل تحرير هذه المدينة التاريخية من أيدي الإرهابيين.
واستطرد قائلا: "تدمر مدينة سورية. والحديث يدور ليس عن فقدان روسيا لتدمر، بل علينا أن نطرح الأسئلة بالصيغة الصحيحة. ويمثل خطر فقدان تدمر ضربة تضر بالبشرية المتحضرة برمتها، التي باتت، بسبب انقسامها على خلفية خلافات، وبسبب تأثرها بمواقف مسيسة منحازة ومفاهيم لا تصب في إطلاق التعاون، تجلس مكتوفة اليدين، ولا تفعل شيئا في الواقع لمحاربة الإرهابيين الدوليين في تنظيم "داعش".
خبراء: استعادة تدمر قريبا
أقر الجيش السوري، الأحد 11 ديسمبر/كانون الأول، بفقدانه السيطرة على مدينة تدمر السورية بريف حمص، فيما بدأ العسكريون الروس والخبراء يبحثون عن أسباب هذه الانتكاسة الخطيرة.
وتعيد هذه الانتكاسة إلى الأذهان، "انتكاسة" الرمادي، التي سقطت في أيدي "داعش" في مايو/أيار عام 2015، رغم جهود الجيش العراقي والقوات الكردية للتقدم على الاتجاهات الاستراتيجية الأخرى.
أما سقوط تدمر مجددا في أيدي الإرهابيين، فجاء بعد مرور 8 أشهر على تحريرها خلال عمليات واسعة النطاق شنها الجيش السوري في ريف حمص بدعم مكثف من القوات الجوية الفضائية الروسية. وإذا استمرت المعارك التي سبقت سقوط الرمادي العراقية، نحو شهر، فحُسم أمر تدمر خلال أسبوع. أما اللغز الرئيسي فيكمن في كيفية تسلل مثل هذا العدد الكبير من المسلحين إلى محيط المدينة بشكل مفاجئ لبدء الهجوم.
ويؤكد معظم الخبراء الروس أن استيلاء الإرهابيين على تدمر، نجاح مؤقت لهم، جاء في ظل انشغال القوت الأساسية للجيش السوري بالمعارك في حلب.
وقال الخبير العسكري الروسي ألكسندر بيرينجييف، إن أحد أسباب سقوط تدمر مجددا يعود إلى عجز الجيش السوري والقوت الجوية الروسية حتى الآن عن مواجهة تكتيك يستخدمه "داعش" لنقل أعداد كبيرة من عناصره إلى مكان ما، وهم متنكرون كجنود من الجيش السوري، أو سكان محليين، أو بدو.
بدوره قال إيغور كوروتشينكو، المحرر العام لمجلة "الدفاع الوطني": "أتوقع أن تتم في القريب العاجل إعادة انتشار قوات وآليات الجيش السوري استعدادا لعملية استعادة تدمر. ولا يجوز أن نتجاهل أن جزءا من الكميات الكبيرة من المعدات العسكرية والذخيرة، التي تركها الجيش السوري وراءه، وقعت في أيدي الإرهابيين. لكن نجاحهم التكتيكي الحالي يحمل طابعا مؤقتا".
ومن بين الأسباب وراء نجاح "الدواعش" في تدمر، أشار كوروتشينكو إلى عدم امتلاك هيئة الأركان السورية للمعلومات الاستطلاعية الضرورية حول خطط العدو والإحداثيات الدقيقة لمواقعه.
واستطرد قائلا: "في ظروف انعدام الدعم من جانب "حزب الله"، لا يقدر الجيش الحكومي السوري، على العمل بنفس القدر من الفعالية التي رأيناها في حلب".
وتابع الخبير أن نحو 5 آلاف إرهابي تسللوا سرا من العراق إلى تدمر، كما أنه ربط سقوط المدينة مع تقاعس قوات المعارضة السورية المسلحة المدعومة من قبل واشنطن، والتي تعمل في ريف الرقة، إذ سمح ذلك كله لـ"داعش" بالقيام بمناورة فعالة.
المصدر: وكالات
[email protected]