تنقسم قضية صفقات التسلح لسلاح البحرية، التي تورط فيها محامي رئيس الحكومة دافيد شمرون، ومن الممكن أن تورط بنيامين نتنياهو، إلى قسمين: الأول الخلافات بشأن شراء ثلاث غواصات جديدة لسلاح البحرية، ثم المناقصة لشراء 4 سفن حديثة من طراز "ساعار 6". وفي الحالتين فقد فاز بالصفقات شركة "تيسنكروب" الألمانية، والتي يمثل وسيطها الإسرائيلي ميكي غنور، المحامي شمرون.
وفي الحالتين طرحت في الأسابيع الأخيرة ادعاءات بشأن اعتبارات غير موضوعية وأداء ملتو وتعارض مصالح خلال عقد هذه الصفقات. كما يجري تحقيق جنائي في مراحل متقدمة مع أفرئيل بار يوسيف الذي ألغي تعيينه في اللحظة الأخيرة في منصب رئيس المجلس للأمن القومي. وبار يوسيف، الذي كان له دول فعال في صفقات التسلح، مشتبه بتلقي الرشوة من مليونير ألماني، وتعتقد الشرطة أنه كان القوة الدافعة لعقد الصفقتين.
وكان قد سبق ونشر عن التطورات التي حصلت في المناقصة لشراء السفن، والتي توقفت في أعقاب ضغوط من نتنياهو وأعوانه بهدف عقد الصفقة مع "تيسنكروب"، فإنه، بحسب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، وفي أعقاب عملية فحص مع كبار المسؤولين في جهاز الأمن والذين كان لهم دور في صفقات التسلح وتحديد احتيجات حماية ما يسمى "المياه الاقتصادية" في البحر المتوسط، يتضح أن سلاح البحرية تمكن من الحصول على المصادقة على الصفقات أساسا من خلال تصنيف السفن على أنها "سفن حماية" لحصول الغاز.
وتبين أنه تمت المصادقة بعد نحو 10 سنوات من الرفض لخطط شراء سابقة. وفي هذا السياق يقول مطلعون إنه ليس من المؤكد أن سلاح البحرية بحاجة لهذه السفن من أجل حماية منصات وحقول الغاز في البحر. ومع ذلك، فسيتم شراء السفن على اعتبار أنها "سفن حماية"، كما أن جزءا كبيرا من المشروع سيتم تمويله كبند خارجي في ميزانية الأمن، يتصل بحماية المياه الاقتصادية.
ويوضح أنه لا يوجد مشتبه به في قيادة سلاح البحرية، وإنما تتصل الادعاءات بطريقة اتخاذ القرار المضللة التي تم تسويق الصفقة بواسطتها.
ويشير إلى أنه في العام 2002 بدأ سلاح البحرية ببلورة خطة لإدخال سفن صواريخ حديثة، يفترض أن تستبدل سفن "ساعار 4" القديمة، وتنضاف إلى سفن "ساعار 5" الموجودة. وتأجلت الخطة بسبب خلافات داخلية بشأن السفينة المطلوبة. ولم يصادق على الخطة بسبب تكاليفها الباهظة، علاوة على أنه باستثناء الغواصات التي لاقت اهتماما إستراتيجيا من جانب رؤساء الحكومات المتعاقبين، إلا أن سلاح البحرية ظل في سلم أولوية متدن، بحسب هرئيل، مقارنة بسلاح الطيران والاستخبارات والقوات البرية.
واشتملت الخطة المتعددة السنوات للجيش "تيفين"، والتي تبلورت عام 2007، بعد الحرب العدوانية الأخيرة على لبنان في تموز/يوليو 2006، على سفن حديثة، بيد أن هذا البند لم ينفذ.
ويضيف أن التغيير حصل أثناء ولاية رام روتبيرغ في منصب قائد سلاح البحرية. كما أن خطوة نتنياهو في المصادقة على خطة الغاز أنشأت حاجة لحماية معززة للمياه الاقتصادية، والحديث عن حزام بعرض 200 كيلومتر على طول الشواطئ. وإلى جانب التطورات في الصفقة، من مناقصة مفتوحة إلى عقد مع حوض بناء السفن الألماني، جرى تصنيف السفن مجددا على أنها "سفن حماية"، يلقى على عاتقها حماية المياه الاقتصادية.
وفي أعقاب حماس نتنياهو لخطة الغاز، تمكن سلاح البحرية والمجلس للأمن القومي من إنجاز تسوية لتمويل غير عادي، بحيث تدفع وزارة الأمن ثلث التكاليف، بينما تمول الحكومة الثلثين من عائدات الغاز. وكان هذا الحل مريحا لكبار المسؤولين في جهاز الأمن والجيش، من جهة أنه لا يأتي على حساب شراء طائرات أو دبابات أو منظومات أسلحة أخرى.
وتسارعت المباحثات بشأن السفن في العام 2013، وفي العام 2014 صادق المجلس الوزاري على المشروع، وجرى التوقيع على الصفقة بعد سنة مع الشركة الألمانية لشراء 4 سفن بتكلفة تصل إلى 430 مليون يورو، منها 115 مليون يورو تقدم كهبة من الحكومة الألمانية.
ونقل عن مصدر سبق أن أشغل مناصب رفيعة في جهاز الأمن وشارك في المداولات بشأن حماية الغاز، قوله إن إبراز السفن كمركب أساسي في الحل الدفاعي عن حقول الغاز لا يعكس الواقع واحتياجات الحماية، حيث أن مسألة الحماية تتصل بأربعة مواقع: "منصة الغاز "تيثس" التي أقيمت عام 2004 واليوم لا تنتج الغاز وهي تقع على بعد كيلومتر ونصف إلى الغرب من حدود المياه الإقليمية قبالة سواحل عسقلان؛ ومنصة الغاز "تمار" التي تبعد نحو كيلومتر ونصف عنها؛ وحقل الغاز "تمار" الذي يبعد 80 كيلومترا إلى الغرب من حيفا؛ وحقل الغاز "ليفيتان" الذي يقع شمال غرب "تمار"، ويبعد عن الشاطئ 125 كيلومترا.
ويتابع أن هذه المواقع يفترض أن تتم حمايتها من تهديدات مختلفة، بينها: إطلاق صواريخ دقيقة، مثل صاروخ بر – بحر "ياخونت" المتوفر لدى سورية وربما حزب الله أيضا، وكذلك إطلاق صورايخ من مسافة بعيدة، ومحاولات استهدافها من مسافة قصيرة من خلال عملية اقتحام بأسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات، أو إحداث عمليات تخريب في المنشآت، أو اختطاف عمال يعملون فيها.
ويشير إلى أن منصة الغاز تيثس تقوم بحراستها شركة خاصة، وبمساعدة من سفن الأمن الجاري التابعة لسلاح البحرية التي تنطلق من قاعدة سلاح البحرية في عسقلان. كما أن طاقم الحماية يتألف من خريجي الوحدات القتالية في الجيش، وبمساعدة زورق سريع يمكن استنفاره في أعقاب تهديدات محتملة كقوة رد فورية لمسافة قصيرة.
أما منصة "تمار" القريبة من منصة الغاز تيثس فهي تحظى بحماية مماثلة، بينما يقبع حقل الغاز "تمار" عميقا في البحر، كما أن منصة استخراج الغاز تقع تحت سطح البحرعلى عمق 1800 متر، ولذلك فهو بحاجة إلى حماية محدودة في أبعد تقدير. في حين أن حقل الغاز "لفيتان" سيحتاج إلى منصة استخراج وحماية مماثلة لـ"تمار". وبكلمات أخرى، يقول الكاتب، فإن هناك موقعين محميين، وثالث لا يحتاج حماية خاصة، والرابع سيتم تطويره في المستقبل، وعندها تتضح احتياجات الحماية، والأمر نفسه بالنسبة لحقول غاز أخرى قد تكتشف مستقبلا.
ويقول مسؤولون سابقون في جهاز الأمن لصحيفة "هآرتس" إن توصيف "ساعار 6" كسفن حماية لحقول الغاز هو عملية تصنيف ناجحة. وهنا تقاطعت حاجة سلاح البحرية إلى التحديث مع اهتمام القادة بتطوير اقتصاد الغاز، واستغل الجيش الفرصة للتسلح بدون أن تكون على حسابه.
وفي إطار الدفاع عن صفقة السفن، يقول ضابط كبير في سلاح البحرية للصحيفة إن الحديث عن "ثروات إستراتيجية منتشرة على مساحة واسعة، وبحاجة إلى حماية، كما أن احتمال استهدافها يقتضي ردا عملانيا معقدا".
وأضاف أن بطاريات "القبة الحديدية" ومنظومات الصواريخ "باراك 1" التي ستنصب على السفن سوف تساعد في حماية حقول الغاز من الصواريخ. وبحسبه فإن السفن يمكن أن توفر المساعدة كرادار دفاعي أمامي لسلاح الطيران.
كما قال الضابط نفسه إنه خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة، في صيف 2014، فإن سفن الصواريخ وفرت الحماية لـ"تمار" و"تيثس"، وفي المستقبل، في نهاية العام 2019، تعهد الجيش بأن تبقى إحدى السفن في عمليات حراسة دائمة في محيط المياه الاقتصادية، بحيث يمكن استدعاؤها بسرعة لمواجهة التهديدات.
[email protected]