امام ما هو متوقع من توغل يميني عنصري لحكومة نتنياهو ضد العرب وضد حرية الرأي ومختلف حقوق الانسان الأساسية، وأزاء ترهل وتساوق ما يسمى المعارضة المبنية على حزبي المعسكر الصهيوني ويش عتيد مع هذا الائتلاف، على القائمة المشتركة أن تكون رأس الحربة في مقاومة الموجة العنصرية القادمة.
ولكي تقوم بهذا الدور التاريخي في هذه المرحلة، عليها أن تكون كتلة فاعلة ومبادرة، وأن ترتكز في استراتيجية عملها على خطاب قوي ومتين يقوم على مركبين أساسيين :
الأول أننا مواطنون أصحاب حق، وان لا أحد يصنع معنا معروفا في أي حق مدني أو خدمات أساسية أو تطوير، فهذه أمور تنبع من حقوقنا الأساسية كمواطنين. وهنا، وفي هذا الموضوع، علينا ألا نكتفي بخطاب المساواة، وانما بخطاب سد الاحتياجات، مما يعني ضرورة التمييز التفضيلي في الكثير من المجالات. وهنا علينا أيضا أن نؤكد أننا مواطنون دافعي ضرائب، وأننا لا نشكل اي عبئ على الحكومة كما يدّعون منذ عشرات السنين. ليس هذا فحسب، بل على العكس تمامًا، في الحقيقة أننا نمول بضرائبنا ميزانية الدولة.
تقديراتي أن المواطنين العرب يدفعون لخزينة الدولة أكثر من ١٠٪ من مداخيل الضرائب المباشرة، وأكثر من ١٥٪ من الضرائب غير المباشرة. بحسب معطيات ٢٠١٥ هذا يعني أننا ندفع لخزينة الدولة أكثر من ٤٥ مليار شيكل بينما لا نحظى بالمتوسط بأكثر من ٦٪ من الميزانية العامة، أي أقل من ٣٠ مليار شيكل. وهذا يعني أننا ندفع سنويا في تقديري أكثر من ١٥ مليارد شيكل اكثر مما نسترجع من ميزانية الدولة. هذا يعني نسفًا كاملًا ونهائيًا لمقولة أن المواطنين العرب عبئ، والقضاء عليها واجتثاثها من الخطاب العام، ومن نفوس بَعضنا الذين ذوتوا مقولة الحاكم المستعمر هذه اتجاه " رعاياه من السكان الأصليين". هذا يعني أيضا أن خطابنا في موضوع الحقوق المدنية يجب أن يكون واثقا بنفسه، ويقف على أرض صلبة، فنحن لا نستجدي أحدا، وأن أي إنجاز نحققه هو ليس منة من أحد، وإنما هو نقطة في بحر الاحتياجات، ولا يكاد يكون خطوة صغيرة على الطريق الطويل جدا لتحقيق العدل التصحيحي، الذي يجب أن يأتي على أرضية تصحيح الغبن التاريخي لنا كأصحاب الوطن الأصليين. هذا بدوره يشكل لبنة هامة للمركب الثاني لخطاب المشتركة المقترح هنا.
المركب الثاني هو إبراز حقوقنا القومية الجماعية كجماعة قومية اصلانية. لقد خضنا في هذا الجانب في مقالات سابقة بتوسع، ويهمنا هنا أن نذكر أن هذا المركب في خطابنا معترف به دوليا، وتحكمه إعلانات ومواثيق دولية تمككنا من أن نطور استراتيجيات عمل المشتركة بشكل يوفر لنا نقاط قوة إضافية. هذا المركب هو ما يضع روايتنا التاريخية بعنفوان وبتحد أمام الرواية الصهيونية، وهو ما يقودنا لمقاطعة جنازة بيريس مثلًا، وهو ما يمكننا من مواجهة مشاريع التجنيد والخدمة المدنية ومحو الهوية وشرذمتها، وهو الذي يشكل القاعدة الفكرية والأخلاقية والقانونية لمطالبنا بالحقوق الجماعية، وبإقامة مؤسساتنا القومية الجامعة.
المطلوب من المشتركة اليوم هو استراتيجية عمل تتلائم مع فهم دورنا باعتبارنا الكتلة البرلمانية الأساسية والوحيدة التي تقوم بدور المعارضة البرلمانية في الكثير من الأحيان. يجب أن تتضمن هذه الاستراتيجية أساليب عمل ومبادرات سواء بالتشريعات المقترحة أو سائر الأدوات البرلمانية المعمول بها لتحقق من توطيد حقوقنا المدنية كمواطنين أصحاب حق، وترجمة ذلك لفوائد اقتصادية وخدمات وتطوير ناحية، وان تنزع الشرعية عن حكومة التمييز القومي والهدم والاحتلال من ناحية اخرى . هذا يتطلب تحقيق قفزة في عمل المشتركة وأدائها، عبر زيادة التنسيق بين الأحزاب وبين النواب، والتخفيف من نزعة العمل الفردي والفئوي، توسيع وتطوير علاقة المشتركة مع الناس ومع همومها اليومية، ومع مؤسسات المجتمع الفلسطيني، وخاصة الجمعيات والسلطات المحلية، تشديد عمل الطواقم المهنية التي شكلت والاستعانة بخبراء متطوعين في كافة المجالات، بالاضافة الى تحقيق نقلة نوعية بالعمل الدولي إلى مراتب جديدة، خاصة في ساحات المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والـ OECD وغيرها.
[email protected]