صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار، الملايين حول العالم، لكن الاف الاطفال الاخرين عالقون في دوامة الحرب في سوريا، تروعهم الغارات او ينتظرهم الموت جوعا في المدن المحاصرة.
وتصدرت صورة الطفل الحلبي البالغ من العمر اربع سنوات الصفحات الاولى في الصحف العالمية ومقدمات نشرات الاخبار وتناقلها الملايين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم في وقت اعتبرت واشنطن انها تجسد "الوجه الحقيقي للحرب" التي تعصف بسوريا منذ منتصف اذار 2011.
ويقول طبيب الاطفال ابو براء الذي يمارس عمله في الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب: "حالة عمران ليست نادرة، نرى يوميا عشرات الحالات المماثلة وغالبا ما تكون الاصابات اكبر".
وظهر عمران بعد دقائق من نجاته من غارة استهدفت منزله في حي القاطرجي الواقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة، في شريط فيديو بثه مركز حلب الاعلامي القريب من المعارضة. يجلس على مقعد داخل سيارة اسعاف. يرتدي سروالا قصيرا والغبار يغطي جسده.
ويبدو الطفل مذهولا ولا ينطق بكلمة. يمسح بيده الدماء التي سالت من وجهه ثم يعاينها بهدوء قبل ان يمسحها بالمقعد من دون ان يبدي اي ردة فعل.
ويوضح طبيب الاطفال "هناك الاف القصص عن اطفال مصابين ومقطوعي الاطراف او يعانون من اصابات في البطن والدماغ" منذ بدء المعارك في مدينة حلب صيف العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين احياء غربية تحت سيطرة قوات النظام وشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
وغالبا ما تقصف قوات النظام السوري الاحياء الشرقية بالبراميل المتفجرة التي اوقعت مئات القتلى وترد الفصائل باستداف الاحياء الغربية بالقذائف التي تسببت ايضا بعدد كبير من القتلى.
ويضيف ابو البراء: "أمس سقط سبعة شهداء جراء قصف على حي الصالحين. اصيب طفل في صدره ورأسه. حاولنا ان نوقف النزف وننقل له الدم لكن حالته بقيت سيئة وتوفي"، موضحا ان عمره لم يتجاوز الست سنوات.
وعلى رغم الضجة التي اثارتها صورة عمران، يعرب الطبيب عن اقتناعه بانها "لن تغير شيئا".
ويقول: "يشاهد العالم يوميا عبر يوتيوب اطفالا يموتون جراء القصف او يتم انقاذهم من تحت الانقاض لكن احدا لا يتحرك، فقط مجرد كلام بكلام".
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي امس مجموعة من الصور المركبة تعبيرا عن امتعاضهم من صمت العالم ازاء الحرب السورية التي اوقعت منذ العام 2011 اكثر من 290 الف قتيل. ويظهر عمران في احدى هذه الصور وهو يتوسط الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين، في تلميح الى ان اطفال سوريا ضحايا صراع القوى الكبرى المنخرطة بالنزاع السوري.
وفي صورة اخرى، يجلس عمران على مقعد سوريا في جامعة الدول العربية المتهمة بالتقاعس عن التدخل لانهاء النزاع السوري.
وارفق الرسام صورته بعنوان بالانكليزية: "خيارات الاطفال السوريين"، وكتب تحت صورة عمران: "اذا بقيت" وتحت صورة ايلان "اذا غادرت".
في المقابل، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وموالون للنظام السوري صورا لاطفال قتلوا جراء القذائف التي تطلقها الفصائل المعارضة على الاحياء الغربية في حلب، مذكرين بأن مدنيين يقتلون ويصابون في الجهة الاخرى من المدينة.
وترى المتحدثة الاعلامية لمنظمة الامم المتحدة للطفولة "يونيسف" في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا جولييت توما في تصريح لفرانس برس ان صورة عمران هي "تذكير بهول الحرب وتأثيرها الوحشي على الاطفال".
وتضيف: "يجب ان تهز هذه الصورة ضمائر العالم".
[email protected]