المقدمة:
اشتهرت بحيرة طبريا (بحر الجليل) بأسماكها منذ القدم حتى اليوم ، ولكن في فترة حياة سيدنا يسوع المسيح، نجد مكانة هامة جدا للأسماك. ظهر ذلك باختيار التلاميذ (الرسل)، اختار التلاميذ الأوائل من الصيادين هم : بطرس واندراوس أخوه، ويعقوب ويوحنا أخوه (متى 4).
عندما كان سمعان و اندراوس يلقيان شبكة في مياه بحيرة طبريا (بحر الجليل) قال لهم يسوع "هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ." (مرقس 1: 17) أي سوف يجعلهم مبشرين لتعاليم المسيح. الأسماك تمثل البشر والشبكة تمثل الكنيسة التي تتسع للجميع دون أن تتمزق كما حدث للشبكة التي لم تتمزق بالرغم من كثرة الأسماك (يوحنا 21) . تنتشر أسماك البلطي (المشط/ القرموط) في بحيرة طبريا. نرى ذلك في الفسيفساء في كنيسة الطابغة االسمكة المذكورة في الإنجيل المقدس هي سمكة البلطي.
رموز السمكة في المسيحية:
حتى الفرن الرابع كانت السمكة (سمكة المسيح) رمزاً للمسيحية وللدلالة على ايمانهم ورمزاً للتهارف فيما بينهم وليس الصليب.
كما وأن اوغسطينوس يفسر معنى كلمة السمكة من الأصل اليوناني ἰχθύς, ΙΧΘΥΣ أو ΙΧΘΥC هي بدء كلمات الجملة "يسوع ابن الله المخلص." حروف كلمة السمكة ΙΧΘΥΣ بداية الكلمات:
يسوع ICQUS، المسيح CRISTOS ، الله QEOS، الابن UIOS ، المخلصSWTHROS
في القرن الرابع استبدل شعار السمكة بالصليب وأصبح الصليب، الشعار المفضل لمعتنقي الديانة المسيحية وأصبح الأكثر شهرة.
في الظهور الثالث للتلاميذ وفي هذه المعجزة رموزٌ كثيرة، لم يختر المسيح تلاميذه من أصحاب المؤهلات أو شهادات تؤهلهم للتلمذة، رغم أن بعضهم كان متعلماً، كان بعضهم صيادي أسماك فدعاهم لكي يجعلهم صيادي البشر( مرقس :171) ، أي كارزين بالكلمة (متى 4:19). في هذه المعجزة ، إلقاء الشباك على يمين القارب يدخل على جهة الخير، نقول "سلمت يمناك" والأسماك تدل على كثرة الموعوظين ودخولهم الكنيسة (الشبكة)، كثرة الأسماك ترمز لكثرة الصالحين بعد سماع كلمة الرب كما سمعها التلاميذ، اتسعت الشبكة الواحدة التي كانت معهم ، للأسماك الكثيرة ولم تتمزق وهي ترمز للكنيسة الواحدة التي تتسع لجميع المؤمنين. كما وأن الشبكة ترمز في عالمنا اليوم لشبكة الاتصالات (الانترنت) التي تحمل الكثير من المواضيع الايجابية وتساهم في التبشير المسيحي، كما وأنها قد تحمل مواضيع غير جيدة كشبكة الصيد التي تحمل بالاضافة للأسماك الصالحة بعض الكائنات المؤذية والشوائب.
موطن البلطي وانتشاره وأهميته الغذائية:
الموطن الأصلي لأسماك البلطي، المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في أفريقيا وأمريكا الجنوبية، في المياه العذبة و/أو قليلة الملوحة في تلك المناطق ومنها انتقل إلى جنوبي آسيا والهند وهكذا وصل إلى بلادنا. تعتبر بحيرة طبريا الحد الشمالي للانتشار الطبيعي للبلطي وذلك لأنه لا يعيش في مياه درجة حرارتها أقل من 8 درجات مئوية.
أسماك البلطي ، معروفة منذ القدم. توجد إثباتات بأن الفراعنة عرفوا صيد أسماك البلطي منذ أكثر من 2500 سنة ق.م. هناك من يعتبر أسماك البلطي، فرعونية الأصل، حتى اليوم يعشقها المصريون وينتجون ما يقارب مليون طن منها سنوياً.
لقد أصبحت أسماك المشط أكثر أنواع الأسماك انتشاراً في العالم كونها أصبحت "داجنة"، لقد تجاوز الإنتاج العالمي من أسماك المشط ثلاثة ملاين طن سنوياً.
انتشرت تربية البلطي في الأحواض وأصبحت من أهم الفروع الزراعية وذلك نتيجة
تزايد السكان والحاجة لمصادر غذائية فلحم الأسماك يعتبرغذاء بشري ممتاز، فهو يتميز بسهولة الهضم وارتفاعمعامل الاستفادة فهو غني
بالبروتين والدهون الجيدة والفيتامينات، كما ترتفع فيه نسبة اليود والكالسيوم وأملاح الفسفور ذو الدور البالغ الأهمية في حياة الأنسجة وبالأخص لأنسجة الدماغكل هذه الميزات وغيرها تجعل لحم السمك مصدراً غذائياً هاماً جداً.
معلومات بيولوجية عن أسماك البلطي:
تنتمي أسماك البلطي إلى الأسماك العظمية، وتنتمي لعائلة البلطيات CICHILI DAE التي تشمل مئات الأجناس وأهم أنواع أجناس البلطي (المشط)هو TILAPIA تدعى هذه المجموعة في اللغة الآرامية " أمنون" – وهي كلمة من مقطعين المقطع الأول أم والمقطع الثاني نون وتعني سمكة أي أم السمك لأنها تعتني بصغارها كالأم تدعى في العبرية אמנון
أهم أنواع البلطي (المشط):
المشط المحلي (الزيلي) T.Zilli:
(حرف T يدل على الكلمة TILAPIA) موجود بشكل طبيعي في بحيرة طبريا. اللون الخارجيأخضر غامق زيتوني وبني ويتميز عادة بـ 6-8 خطوط مستغرقة غامقة قليلة التميز بقعة سوداءعلى غطاء الخياشيم ولون زعنفة الذيل غالباً ما يكون غامقاً والجزء السفلي فيها غالباً ما يكونبلون الدم الأحمر القاتم.
المشط الأبيض( الجليلي) T.gallilea::
يعتقد أنه نشأ في بحيرة طبريا (بحر الجليل) ومن هنا جاء اسمه العلمي. يميل لون الجسم إلياللون الرمادي مع وجود بقع داكنة على الجسم، الرأس أحدب والفم صغير حيث الشفة السفلىرقيقة و زعنفة الذيل مخططة بلون أحمر من جزئها الخلفي وغالبا ما تختفي هذه الخطوط. ويتميزالبلطي ألجليلي، بأن عظمة البلعوم تشبه القلب.
المشط الأزرق (الحساني) T.Aurea::
لون المظهر الخارجي زيتوني أزرق وفضي لامع، كل حرشفة ذات مركز غامق وهناك بقعةغامقة في الغطاء،كما أن القسم الخلفي من الزعنفة الذيلية وكذا الشرجية ينتهي بخط أحمر.
المشط النيلي :T.Niletica:يتميز البلطي النيلي بوجود خطوط عرضية و طولية على زعنفة الذيل ولها لون أحمر داكن معأسود. أما الزعنفة الصدرية فتميل للاحمرار مع وجود خطوط تشكل زاوية منفرجة . يعتقد أنه نشأفي جنوب النيل في السودان وبحيرة فيكتوريا ومن هنا جاءت تسميته. والمشط النيلي أكثر الأنواعانتشاراً في البلدان الاستوائية الداخلية من أفريقيا والشرق الأقصى باعتباره سمك المياه الدافئة.
السلوك التكاثري:
يرتبط فصل التكاثر لأسماك البلطي بشكل وثيق بالعوامل البيئية والمتمثلة في: طول القترة الضوئية ودرجة الحرارة والملوحة وهطول الأمطار وغيرها، ففي المناطق الاستوائية والمدارية حيث تبقى درجات الحرارة مرتفعة على مدار العام، أظهرت حالات عديدة أن فصل التكاثر يستمر على مدار العام، ولكن عندما تنخفض الحرارة في فترة من فترات العام يلاحظ أن عدد مرات التفريخ ينخفض وعند التفريخ يقوم الذكر الناضج جنسياً باختيار موقع للتعشيش في مكان من الشاطئ أو الحوض وينتظر حتى تنجذب إليه إحدى الإناث حيث يقومان معا بعد فترة تمتد من بضع ساعات إلى عدة أيام بحفر عش دائري الشكل في القاع في المناطق قليلة العمق حيث تختلف مقاييس هذا العش حسب الأنواع، وبعد فترة غزل طويلة تضع الأنثى بيضها في العش ويقوم الذكر بتغطية البيض بالسائل المنوي ثم يعمل كل من الذكر والأنثى على حراسة العش الذي يحوي عدة آلاف من البيض المخصب، حتى يفقس وتغادر الصغار حيث تستمر عناية الذكر والأنثى بهذه الصغار لمدة من 2 إلى 3 أسابيع .
السلوك التكاثري للمشط الأبيض:
في نهاية فصل الشتاء تكتسب الذكور لوناً خاصاً لفترة التكاثر، يحمر غطاء الخياشيم وكذلك قسم من زعانفه. تسبح الذكور باتجاه شمال شرق بحيرة طبريا، يختار كل ذكر منطقة التعشيش الخاصة به، بعد نزاعات قوية بين الذكور وبعد الاتفاق على حدود منطقة نفوذ كل ذكر ويمنع بعدها اقتراب أي ذكر بلطي من منطقة نفوذه (الذكور تميز بعضها وتميز الأنثى حسب لونها). يحضر العش وهو عبارة عن حفرة. بعد أسبوعين تسبح الإناث إلى منطقة الذكور، في هذه الفترة يتغير لونها ويصبح فضياً وكأنها تلبس ملابس الزفاف وهكذا يستطيع الذكر تمييزها والعكس، عندما تقترب من منطقة نفوذ الذكر، يسبح أمامها وكأنه يرقص ويرشدها للحفرة.
تتفقد الأنثى الحفرة عندما يعجبها الذكر وتستحسن الحفرة (العش) ، تنضم إليه في العش الذي حفره حيث تضع بيضها، ويقوم الذكر بطرح السائل المنوي فوق البيض مباشرة عندها تأخذ الأنثى البيض الذي يبلغ عدة مئات إلى داخل فمها الذي يتسع إلى 1500 بيضة. تستمر الأنثى في حمل البيض وتحريكه داخل فمها حتى فقسه حيث تقوم يرقات الأسماك الفاقسة بامتصاص كل محتويات كيس المُح يستمر حمل البيض واليرقات من 11 – 14 يوماً كل هذه الفترة تصوم السمكة (الأم) عن الغذاء. عندها تسمح الأم لليرقات بمغادرة فمها تبقى صغار الأسماك على مقربة من الأم التي تتحرك حركة بطيئة بالقرب من صغارها، وعند أدنى إشارة للخطر تعود الصغار مباشرة إلى فم الأم التي تحمل صغارها وتفر بعيداً عن الخطر. الأسماك الصغيرة التي لا تعرف فم الأم تهرب إلى أي مكان مظلم. بعد عدة أسابيع تترك الأم صغارها وفي نهاية فصل التكاثر تختفي ألوان التميز. تترك الأسماك منطقة التكاثر.
[email protected]