قال الأب جمال خضر، الناطق الاعلامي الرسمي لزيارة قداسة البابا فرنسيس الى فلسطين، اليوم الثلاثاء، أن الاستعدادات تتواصل على قدم وساق للزيارة المرتقبة للحبر الأعظم الى بيت لحم والقدس في 25 و26 من شهر أيار الجاري.
وأشار الأب خضر الى أن التحضيرات تتم بالتعاون والتنسيق بين لجان البطريركية اللاتينية واللجنة الرئاسية العليا التي شكّلتها دولة فلسطين لتنظيم استقبال البابا، موضحاً أن ساحة المهد تشهد أعمالا مكثفة لبناء المنصة الخاصة بالقداس الذي سيترأسه قداسة البابا بمشاركة أكثر من 10 آلاف من المؤمنين المسيحيين، وبحضور الرئيس محمود عباس الذي يولي أهمية كبيرة لهذه الزيارة ولفيف من القيادات الفلسطينية.
ولفت الى أن قداسة البابا سيلتقي عقب انتهاء القداس، مع خمس عائلات فلسطينية تعيش صعوبات وألم، ويمثلون أسر الشهداء والأسرى، وذوي الاحتياجات الخاصة، الى جانب عائلة من قطاع غزة. وقال:"هذه العائلات تمثل ألم ومعاناة شعبنا الفلسطيني حيث سيستمع البابا فرنسيس الى خبرات حياتهم التي يعيشونها".
الزيارة الأولى خارج ايطاليا
كما تطرق الأب خضر الى البعد الرمزي الذي تمثله زيارة قداسة البابا فرنسيس الى مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين، ولقائه مع مجموعة من أطفال مخيمات اللجوء، مؤكداً أن الزيارة تعبير عن تضامن رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم مع الفلسطينيين.
وأوضح الأب خضر ان زيارة البابا الى الأرض المقدسة تعد الزيارة الرسمية الأولى المقررة خارج ايطاليا، مما يدل على أهمية هذا الحج الديني لقداسته على الصعيد الروحي بدرجة أساسية، وعلى الصعيدين الانساني والسياسي.
وقال ان شخصية البابا القريب من المتألمين والفقراء والمضطهدين وحياته البسيطة والمتواضعة، ستتجلى بشكل كبير في زيارته الى فلسطين حيث سيتلمس معاناة الشعب الفلسطيني عن قرب.
واستدرك قائلاً ان البابا مضطلع جيداً على واقعنا الصعب من خلال لقاءاته مع الرئيس محمود عباس وغبطة البطريرك فؤاد طوال والشخصيات الفلسطينية، ولكنه خلال هذه الزيارة سيعيش جانب من هذا الواقع.
لقاء تاريخي في القدس
وفيما يتعلق ببرنامج قداسة البابا في مدينة القدس، أوضح الأب جمال خضر أن الزيارة ستتوج بلقاء تاريخي مسكوني في كنيسة القيامة يجمع البابا فرنسيس وبطريرك القسطنطينية للأرثوذكس بارثلماوس، احياءً لذكرى اللقاء التاريخي بين البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغورس، الذي تمّ قبل 50 عاماً.
وأضاف ان أهمية هذا اللقاء التاريخي تأتي في دعم المساعي لتحقيق وحدة الكنائس المسيحية في الأرض المقدسة ونقطة انطلاق جديدة نحو التقارب الحقيقي بين الكنيستين الكاثوليكية والارثوذكسية.
والى جانب زيارة كنيسة القيامة، سيزور قداسة البابا الحرم القدسي الشريف ويلتقي بالقيادات الدينية الاسلامية في القدس.
وفي سياق متصل، يرى الأب جمال خضر أن زيارة البابا تأتي للشرق أجمع، وليست زيارة الى عمان وبيت لحم والقدس فقط، مشيراً الى أن هذه الزيارة تعبير عن اهتمام البابا بالانسان، خاصة بالانسان المتألم، وهي تأكيد على قربه ورعايته واهتمامه بالكنيسة والمسيحيين في الشرق، ودفاعه الدائم عن كل انسان يعاني من العنف في الشرق الذي ينزف دماً بصورة يومية.
اهتمام اعلامي كبير
ولفت الأب جمال خضر الى أن الرسائل التي سيوجهها الحبر الأعظم من فلسطين الى العالم أجمع، ستحمل معاني التضامن والرجاء والأمل بمستقبل أفضل. وقال:"البابا عودنا على مفاجآت بأسلوبه وعفويته.. وننتظر بشوق لسماع رسائله".
وأكد الأب خضر أنه في ظل تعثر مفاوضات السلام، وانشغال الرأي العام العالمي في قضايا عالمية أخرى، فان هذه الزيارة ستعيد القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد وتسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني، خاصة أن زيارة البابا تترافق مع اهتمام وتركيز اعلامي كبير.
ووجه دعوته الى المسيحيين في الأرض المقدسة الى مرافقة حج البابا بالصلاة والتأمل والرجاء بالوصول الى سلام حقيقي وحلول عادلة توقف شلالات الدماء.
مرافقة بطاركة الشرق
وسيرافق البابا خلال زيارته الى الأرض المقدسة كل من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والبطريرك ابراهيم اسحق سيدراك بطريرك الاسكندرية للكنيسة القبطية الكاثوليكية، والبطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية في انطاكيا، والبطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق.
وحول اللغط الذي ترافق مع اعلان البطريرك الراعي عن زيارته الى فلسطين، أوضح الأب خضر ان زيارة البطريرك الراعي تلقى ترحيب كبير من الرئاسة الفلسطينية والفلسطينيين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، مشدداً على أنها زيارة تضامن مع الشعب الفلسطيني وتأكيد على عروبة هذه البلاد خاصة مدينة القدس.
وتساءل الاب خضر ان البطريرك الراعي يأتي للقاء رعيته المارونية ومع الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين، فأين التطبيع في الموضوع؟! ولكننا نأمل أن لا يتم استغلال الزيارة من قبل السلطات الاسرائيلية لاظهارها كتطبيع مع الاحتلال. هذا تخوفنا الوحيد.
هجمة ممنهجة ضد المسيحيين
ومن جانب آخر ومع اقتراب زيارة قداسة البابا، تتزايد الهجمات التي تشنها مجموعات اسرائيلية من اليمين المتطرف تحت ما يسمى "تدفيع الثمن" على المقدسات الاسلامية والمسيحية.
ويعلّق الأب جمال خضر:"هذه الجماعات من خلال أفعالها المشينة تعمل على نشر موجة من الكراهية ضد كل من هو غير يهودي في اسرائيل، وأجهزة الأمن لا تستطيع وقف الاعتداءات المتكررة لأن مرتكبيها يمتلكون تغطية من الأحزاب اليمينية داخل الكنيست الاسرائيلي".
وأضاف:"يتضح أن هناك هجمة ممنهجة تنفذ ضد الفلسطينيين المسيحيين، فمن الاعتداءات على الأديرة والكنائس، الى التقارير والمقالات المضللة التي تنشر في الصحف والوكالات العالمية لاظهار ان المسيحيين في اسرائيل يعيشون حياة رخاء ويتمتعون بحقوقهم بينما هم مضطهدون في بلدان الشرق الأخرى، وأخيراً محاولات تجنيد المسيحيين في الجيش الاسرائيلي".
وأردف قائلاً:"يحاولون دمج المسيحيين في هيكلية السلطة والفكر الصهيوني كما فعلوا مع مجموعات أخرى، وذلك لسلخنا عن قوميتنا وعروبتنا... المسيحي سيحمل السلاح ضد من؟ ضد أبناء شعبه؟...هناك تحرك مهم داخل الكنيسة لمقاومة هذا المخطط حيث اصدرت الكنيسة الكاثوليكية بياناً واضحاً ضد التجنيد".
وأوضح أن مخطط تجنيد المسيحيين في الجيش هو مؤشر واضح للتمييز في اسرائيل والتي تربط حصول مواطنيها على حقوقهم بأن يخدموا في الجيش، والأصل أن الحقوق تمنح لجميع المواطنين في اسرائيل.
وحذر الشباب المسيحي في الداخل المحتل بأن من يلتحق بالجيش الاسرائيلي يسير وراء أوهام لأنه لن يحصل على حقوقه من دولة تريد ان تسمي نفسها دولة يهودية.
[email protected]