أحيا أكثر من عشرين مليونا من المسلمين الشيعة ذكرى أربعينية الامام الحسين بين علي في مدينة كربلاء الواقعة جنوب بغداد الخميس وسط اجراءات امنية مشددة، بحسب ما افاد مراسلو وكالة فرانس برس.
وتدفق الزوار على المدينة، معظمهم سيرا على الاقدام، خلال الايام العشرة الماضية، للتجمع حول القبة المذهبة لمرقد الامام الحسين، حفيد النبي محمد الذي قتل عام 680 ميلادي، في احياء احدى اكبر المناسبات الدينية الشيعية.
واعلن قائد عمليات الفرات الاوسط اللواء الركن قيس خلف في مؤتمر صحافي مع وزير الداخلية محمد الغبان ورئيس مجلس محافظة كربلاء نصيف الخطابي "نجاح الخطة الامنية لزيارة الاربعين بعد ان طبقت قواتنا الامنية، في جميع مراحل الخطة، دون حدوث اي خرق، او حادث بين الزوار".
واضاف ان "اكثر من عشرين مليون زائر شاركوا في الزيارة، بينهم خمسة ملايين من العرب والاجانب".
واجرى الوزير جولة جوية في ختام الزيارة فوق المدينة التي لاتزال مكتظة بالزائرين، واشاد بدور قوات الامنية في حماية وحفظ امن الزائرين على مدى الايام العشرة الماضية.
وقال ان "الزيارة بما رافقها من احتشاد مليوني كانت بمثابة اختبار عظيم لقدرة العراقيين على تحقيق انجاز كبير، وتحمل المسؤولية في هذا الظرف الخطير، حيث تخوض بلادنا حرب تحرير اراضيها من دنس عصابات الارهاب ومناصريها".
ويرتدي الكثير من الزوار الذي قدم بعضهم من مدينة البصرة التي تبعد 500 كلم جنوب مدينة كربلاء، الملابس السوداء حدادا.
وقال محمد حسين جاسم القادم من جنوب البلاد وقد بدت عليه آثار التعب والارهاق، لمراسل وكالة فرانس برس "بعد مسير 12 يوما، ها قد وصلت الى كربلاء".
واضاف "اتمنى ان تسود روح التعاون والايثار ومحبة الناس ليس في هذه الايام فقط التي نستذكر فيها مصيبة الحسين وانما طول ايام السنة".
وفرضت السلطات اجراءات امنية مشددة الاسبوع الماضي لحماية الزوار الذين يمرون من شوارع العاصمة، فيما قطعت العديد من الشوارع الرئيسية ومنع سير السيارات باستثناء التي تقوم بتوفير الخدمات للزوار.
ويستغرق السير من مناطق البلاد المختلفة نحو كربلاء لاحياء ذكرى الاربعين اياما طويلة.
واعلن محافظ كربلاء عقيل الطريحي الاربعاء انه من المتوقع ان يصل عدد الزوار في نهاية الزيارة التي تبلغ ذروتها الخميس الى عشرين مليونا بينهم نحو خمسة ملايين زائر اجنبي وعربي، غالبيتهم من الايرانيين.
وبحسب السلطات العراقية، فان 17 مليون شخص احيوا الزيارة العام الماضي، واعتبرت في حينه استعراضا للقوة في وجه الجهاديين الذين سيطروا على مساحات شاسعة من البلاد قبل عام ونصف العام.
وبذلت قوات الجيش والشرطة خلال الفترة الماضية جهودا مضنية لحماية الزوار والاضرحة المقدسة ونشرت عشرات الاف من قوات الامن على طول الطرق المؤدية الى مدينة كربلاء.
واكد المسؤولون المحليون في كربلاء ان اكثر من ثلاثين الف عنصر امني نشروا في كربلاء ومحيطها خلال فترة احياء الزيارة.
وشاركت طائرات استطلاع مسيرة ايرانية في حماية المدينة جوا ورصد اي تهديدات محتملة، حسبما افاد عضو مجلس محافظة كربلاء ورئيس مكتب منظمة بدر في كربلاء حامد صاحب.
ووجه الزوار المشاركون في احياء الذكرى رسالة الى الطبقة السياسية المتنازعة في البلاد.
وقال حسين في هذا الصدد "دعوتنا للسياسيين ان يصلحوا انفسهم كما خرج الامام الحسين من اجل الاصلاح".
وعبر الكثير من الزوار عن موقف مماثل علما ان طقوس الزيارة تاتي بعد موجة من التظاهرات المطالبة بالاصلاحات ومكافحة الفساد في البلاد وكذلك المطالبة بالخدمات الاساسية مثل الماء والكهرباء.
وقال سعيد عبد الحسين البالغ من العمر خمسين عاما، وقد جاء متكئا على عصا مشيا على الاقدام من مدينة الديوانية (180 كلم جنوب بغداد) "اتمنى ان يبقى هذا التجمع المليوني للعراقيين ويتوجه بصورة سلمية سيرا على الاقدام الى ساحة التحرير في بغداد لتحقيق الاصلاح".
واوضح هذا الرجل وهو يقترب من ضريح الامام الحسين بعد يوم من المسير ان "الامام الحسين نهض من اجل الاصلاح وهذا الهدف اتصور يضاهي الصلاة والزيارة للعتبات في قدسيته واهميته".
وقتل ستة اشخاص على الاقل في هجومين منفصلين استهدفا زوارا متوجهين الى كربلاء في بغداد، يوم الاثنين الماضي، بحسب الشرطة.
وتمكنت قوات الامن من احباط هجومين انتحاريين بواسطة احزمة ناسفة في منطقة السيدية جنوب بغداد واخرى في حي الشعب شمال شرق بغداد.
ويتعرض الزوار الى هجمات باحزمة ناسفة وعبوات ناسفة كل عام تسفر عن قتل العشرات ويتبى تنظيم "داعش" مسؤوليته عن تلك الهجمات.
تقع كربلاء التي يقيم فيها نحو سبعمئة الف نسمة على ضفاف نهر الفرات وتحيط بها من الجهة الغربية صحراء الانبار، وهي المنطقة الاكثر صعوبة للحماية من هجمات تنظيم "داعش". ويسيطر التنظيم على مساحات كبيرة في هذه المحافظة الكبيرة.
[email protected]