إن ّما نُشِر في أخبار واللا على صفحات الإنترنت يوم الثلاثاء 2015/11/24 ، أن اللجنة الفرعيّة لمواضيع التخطيط الأساسيّة ، والتابعة لوزارة الداخلية، قد صادقت على إقامة مستوطنة درزيّة على ارض حطّين لا يزيد عن كونه: إسفينا أو قنبلة، و استفزازا، أو جرح مشاعر. قد يكون واحدا منها أو بعضها، أو كلّها مجتمعة، لكنه لم ولن يكون بُشرى، أو منحة، لأنه ببساطة، يحشرنا في مصاف سوائب المستوطنين الذين يستولون على الأرض، على مرأى من أصحابها، وتحت حماية قوّات ج.د.ا. والشرطة وحرس الحدود.
أصحاب أرض حطّين الأصليين مهجّرون، بعضهم في هذه البلاد، يُمْنع عن أرضه، وبعضهم في الشتات، في المخيّمات أو في أرض الله الواسعة التي ضاقت باتِّساعها عليهم. لم يبيعوا أرضهم، ولم يقبضوا ثمنا لها، ولم يتنازلوا عنها، لا عن طيب خاطر ولا حتّى تحت التهديد بالسلاح، إنّهم ممنوعون عنها بقوّة جبّارة، أرضهم لهم، وليست لغيرهم، وإن استولى عليها هذا الغير بالقوّة، واليوم يصادق هذا الغير على إقامة مستوطنة درزية عليها.
بماذا ستختلف هذه المستوطنة، إن أُقيمت، عن غوش عتصيون؟أو غيرها من المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية أو في هضبة الجولان السوري المحتل؟
الدروز كطائفة. لم يكونوا على مدار التاريخ معتدين، أو ظالمين، إيمانهم الديني يُحرِّم عليهم النهب، ولا يسمح لهم بالاستيلاء على أملاك مسلوبة، وأخلاقهم تأبى ذلك، وعاداتهم ليس من بينها مثل ذلك، ومن عاداتهم حماية الضعيف، والوقوف بجانبه، لا مساعدة المُعتدي، قد يكون بينهم ، كما في باقي المجتمعات، أفراد باعوا أنفسهم للشيطان، وقد يقبل هذا البعض أسلوب مكيافيللي "الغاية تبرر الوسيلة"، لكنهم بمجملهم لا يقبلون الظلم أو التّعدّي.
إذا كانت السلطة في هذه البلاد تريد مساعدة الدروز كمواطنين، مثلهم مثل غيرهم، فما عليها أولا: إلا أن تساويهم في الحقوق ، في كل المجالات والقطاعات.
لماذا لا تتكرّم السلطة، وتسمح للدروز بالبناء على أراضيهم المسجلة- في دوائر الطابو - على أسمائهم والتي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم؟
لماذا أحيطت كل قرية درزيّة أسوة بباقي القرى العربية بموانع طبيعيّة وبشريّة وأمنيّة ، وتحت مسميات مختلفة، منها سلطة حماية الطبيعة؟؟
لماذا تُصعّب لجان التنظيم والبناء المحليّة أو اللوائيّة ترخيص الأبنية أمام الدروز؟؟
لماذا تدفع القرى الدرزية غرامات باهظة تعادل ميزانيات سلطاتها المحليّة، غرامات على أبنية غير مرخّصة، هي –أي السلطة - تعرقل ترخيصها، مع أنها أقيمت على أراضي آبائهم وأجدادهم؟
لماذا لجنة التخطيط الأساسية التابعة لوزارة الداخلية لا تصادق على إقامة قرية أو قرى درزية على أراض ليس لها أصحاب مهجّرين؟؟
إنّها ليست منحة. إنها مِحنة لتختبر إمكانياتنا الماديّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة والضميريّة والدينيّة!ْ
إنها ليست منحة. إنما هي إسفين يُضاف إلى الأسافين المدقوقة بيننا وبين أبناء شعبنا العربي والفلسطيني المهجر.
إنها قنبلة. لا احد يدرك أبعادها خاصّة ممن نشأ وتربى في جو الاحتلال والأسلوب الميكيافلي.
[email protected]