اشارت الايجازات الصحفية التي قدمها مسؤولون كبار في الادارة الامريكية نهاية هذا الاسبوع تمهيدا لزيارة نتنياهو الى تغيير مقلق جدا في طريقة تفكير الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي حيث تحدث ولاول مرة في التاريخ البيت الابيض وكذلك الخارجية الامريكية عن الواقع السائد في الضفة الغربية والذي بدا يتحول الى دولة واحدة لشعبين وفقا لما ذهب اليه اليوم الاحد موقع "هأرتس" الالكتروني الناطق بالعبرية.
والقى مستشار الرئيس اوباما لشؤون الشرق الاوسط "روف مالي" القنبلة حين قال "نتج واقع جديد وبات ليس فقط من غير الممكن التوصل الى اتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي بل مجرد فرصة استئناف المفاوضات باتت ضعيفة جدا وواهية وفي ظل هذا الواقع من المتوقع ان يسأل الرئيس "اوباما " رئيس وراء اسرائيل نتنياهو ماذا تنوي حكومة اسرائيل القيام به لمنع تحقيق وتجسيد حل الدولة الواحدة لشعبين".
وعاد الناطق بلسان الخارجية الامريكية "جون كيربي" ليؤكد الامر خلال ايجاز صحفي قدمه للمراسلين الصحفيين المعتمدين قال فيه" قال نتنياهو اكثر من مرة انه لا يريد دولة واحدة او دولة ثنائية القومية اذ يبقى السؤال الحقيقي ما هي الخطوات وما هي السياسة التي سيتبعها نتنياهو لمنع هذه النتيجة ؟".
ويعتبر "مالي" الدبلوماسي الامريكي القدير والقديم والمتابع للعملية السلمية من بداياتها واحدا من مجموعة اخذة في الاتساع تضم كبار المسئولين في الادارة الامريكية الذين يعتقدون بضرورة بلورة الولايات المتحدة سياسة للتعامل مع وضع موت فكرة حل الدولتين والتفكير كيف سيصوغ هذا الامر شكل العلاقات المستقبلية مع اسرائيل من ناحية المصالح والقيم المشتركة.
ويعتقد افراد هذه المجموعة بضرورة قيام الولايات المتحدة بلجم ووقف الاتجاه الحالي والحفاظ على قدرتها تنفيذ مستقبل حل الدولتين ولهذا يتوجب على الرئيس اوباما ان يتحدث حاليا عن واقع الدولة الواحدة ليس من باب التهديد النظري بل كواقع اخذ بالتبلور في الميدان على مرأى ومسمع العالم .
وينوي الرئيس اوباما توجيه سؤال مركزي وأساسي لنتنياهو الذي سيلقاه يوم غد في البيت الابيض وهو "ما هي خطتك؟ ما هو البديل الذي تطرحه لحل الدولتين.
ويبدو ان المسئولين الامريكيين تعمدوا نشر هذه الاقوال والتصريحات قبل وصول نتنياهو كما سيعملون على ابرازها اكثر بعد انتهاء الزيارة حتى يسلطوا الاضواء على الحقيقة الثابتة والمتمثلة بسير اسرائيل بخطى ثابته على طريق الدولة ثنائية القومية واكثر من ذلك بهدف تسليط الضوء على حقيقة افتقار نتنياهو لاي رد او خطة للتعامل مع هذا الاتجاه.
والمح نتنياهو في كلمته امام الكنيست في ذكرى اغتيال اسحاق رابين الى نية حكومته اتخاذ العديد من الخطوات لمنع " الاحتكاك " مع الفلسطينيين حتى في ظل غياب شريك فلسطيني للمفاوضات او لتسوية نهائية ولكن ليس من الواضح ما هو قصد نتنياهو والى أي خطوات يشير وهل الحديث يدور عن تفوهات وتخرصات فارغة من أي مضمون او انه جاد في اتخاذ خطوات تشكل واقعا جديدا في الضفة الغربية يسمح مستقبلا بإقامة دولة فلسطينية ؟.
وبلور نتنياهو تمهيدا لاجتماعه المنتظر مع الرئيس اوباما عدة خطوات " لبناء الثقة" مع الفلسطينيين وعمليا هذه هي المرة الاولى التي يحضر فيها نتنياهو الى البيت الابيض حاملا في جعبته " مبادرة " اسرائيلي مهما كانت ومهما كانت متواضعة على شكل خطوات تكتيكية ليس اكثر لان نتنياهو يفكر بمفاهيم الادوية المكنة وليست العلاجية.
وقال موقع "هارتس انه من الصعب معرفة فيما او كيف ستشبع رزمة نتنياهو نهم البيت الابيض لان المجموعة القيادية التي تعتقد بان حل الدولتين يلفظ انفاسه الاخيرة ستنظر الى رزمة نتنياهو كحبة اسبرين يقدمها لمريض مصاب بالسرطان والبيت الابيض يريد رؤية الى جانب خطوات من نوع " السلام ألاقتصادي " التي تحدث عنها نتنياهو خطوات وعمليات كبيرة تؤشر الى ان وجهة اسرائيل الاستراتيجية صوب حل الدولتين حتى وان تم تطبيق هذا الحل في المستقبل البعيد .
ويتحدث المسؤولون الامريكيون الكبار المهتمين بالموضوع الفلسطيني عن فترة انتقالية او وفقا لتعبيرهم " TRANSITION " في الضفة الغربية ما يعني خلق واقع جديد يؤدي الى تغيير الاتجاه السائر حاليا نحو الدولة الواحدة الى اتجاه اخر نحو حل الدولتين .
ومفتاح هذا التغيير من وجهة نظرهم يكمن في لجم البناء الاستيطاني خاصة خارج حدود الكتل الاستيطانية الكبرى وزيادة تواجد السلطة الفلسطينية في مناطق C الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية الكاملة والتي تشكل خزان الاراضي الاستراتيجي للدولة الفلسطينية المستقبلية .
واختتم الموقع الالكتروني تقريره بالقول " يجد البيت الابيض صعوبة كبيرة في تصديق ان نتنياهو شريكا حتى ولو لخطوة واحدة من هذا القبيل لكن وزير الخارجية جون كيري لم يعلن يأسه حتى الان لذلك يخطط ان يستثمر حلال العام القادم ما تبقى من حيويته في هذا السياق.
[email protected]