يضع مَجمع اللّغة العربيّة في حيفا؛ على رأس أولويّاته، جهوده لتعزيز مكانة اللّغة العربيّة في الحيّز العام، وذلك من خلال التّواصل مع الجهات ذاتِ الصّلة.
وتأتي جهود المَجمع في إطار رؤيته الشاملة للجوانب الاجتماعيّة والثّقافيّة، بشكلٍ عامّ، وتلك المرتبطة بالهُويّة، بشكلٍ خاصّ؛ للوقوفِ على أمر اللّافتات في الحيز العام والمرافق الرسمية وتسمية الشّوارع وترسيخه في الوعي الجماهيريّ.
ومن الجدير ذكره أن هناك مظاهر تغييب للغة العربيّة أو تحييدها منَ الحيّز العام، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر؛ ففي قرية كسرى – سميع في الجليل الأعلى، على سبيل المثال، هناك موقع يسمّى بِ "متنزّه الصّخور"، لكن اللافتة الّتي تشير إلى الطّريق مكتوبة بالعبريّة (بارك هسلاعيم) وبالعربيّة مكتوبة ب "معصرة الزّيتون". فالعربيّة هنا حاضرةٌ شكلًا، مغيّبة مضمونًا.
عيّنة أخرى لهذا الحضور المغيّب للّغة العربيّة، هي في لافتة تشير إلى مكان ملجأ جماهيريّ، وهي صحيحة بالعبريّة والإنجليزيّة والرّوسيّة، لكن في العربية مكتوب: (المُتلقّي).
شكل آخر من أشكال الظهور المشوّه للغة العربيّة، مثلًا: استبدال (شيروتي نشيم – مرحاض نساء) بعبارة (المرأة مرحاض).
كما لا تقف الأمور عند التّشويه والتّغييب، بل تصل إلى حدود ما يشكّل تهديدًا لحياة الإنسان، كما هو موجود على لافتات تحذّر من خطر الكهرباء، ففي لافتة تحذيريّة كهذه مكتوب بالعربية: (خطر عيش الكهرباء).
الأيديولوجيا حاضرة..
وبطبيعة الحال، لا يغيب الصّراع الأيديولوجي عن ساحة التسميات المسجلة في اللافتات، فالكثير من اللّافتات الّتي تشير إلى أسماء المدن باللغة العربية، تُستخدم فيها أسماء ذات مضامين أيديولوجيّة؛ فالقدس تصبح يروشلايم، وعكا تؤول إلى عكو وصفد هي تسفات.
وهناك لافتات تغيب عنها العربيّة غيابًا مطلقًا، وإنْ وجدت تكون مكتوبة بخطٍّ رديء عديم المقروئيّة لا يُفهم منه شيء.
ولكي ننظر إلى "النّصف الملآن" منَ الكأسِ فهناك لافتات فيها عربيّة صحيحة وملائمة، لكنّها قليلة.
بناء على ما ذُكر، يأتي نشاط مَجمع اللّغة العربيّة لمعالجة هذه الظّاهرة.
ففي عام 2022 قام المَجمع بإجراء مسح عام لللّافتات في الحيّز العامّ، بمساعدة طاقم من الباحثين في المَجمع برئاسة البروفسور كبها، وبعد المسح، قام المَجمع بدعوة رؤساء المجالس والبلديّات والجمهور العامّ إلى ندوة في مقرّ المَجمع لعرض نتائج المسح، ولإشهار كتاب (المشهد اللّغويّ في الحيّز العام، اللّافتات وتسمية الشّوارع).
بموازاة ذلك، تمّ التّوجه للوزارات المختلفة، للتّوصّل معها لاتفاقات حول تصحيح اللّافتات في مؤسّساتها ومكاتبها، وكذلك لوزارة المواصلات المختصّة بلافتات الحيّز العامّ.
استمرار بناءً على نتائج المسح
وفي حديث مع البروفسور مصطفى كبها، رئيس المجمع، قال: "موضوع اللّغة في الحيّز العامّ هو من أهمّ المواضيع التي يعمل عليها مَجمع اللّغة العربيّة في حيفا، وذلك لأداء أهم وظائفه ألا وهي تعزيز مكانة اللّغة العربيّة وتأكيد حضورها في الحيّز العامّ، مع العلم أنّ هذا يتطلّب الكثير من العمل، سواء على المستوى القُطريّ في المدن والقرى والبلدات، وعلى مستوى لافتات الشّوارع بين المدن وداخلها، وكذلك التّسميات داخل المؤسّسات والوزارات والمرافق الحكوميّة عدا عن التّوجيهات داخل المستشفيات والمدارس والمصانع وما شاكلها".
وأضاف كبها: " كذلك نهتمّ باللّافتات التّوضيحيّة والإرشاديّة أو تلك الدّاعية إلى الأمن والأمان كتلك الموجودة عند الشّواطئ والأماكن المفتوحة كالمتنـزّهات والحدائق العامّة".
وحول نتائج جهود مَجمع اللّغة العربيّة قال كبها: "بناء على نتائج المسح واصلنا جهودنا مع الوزارات والسّلطات المحليّة لتعريب منشوراتها ومعالجة الأخطاء الموجودة، حيث ساهم المَجمع من خلال الاستشارة والمرافقة في مشروع تسمية الشّوارع في كل من الطّيرة وزيمر وغيرهما في إنجاح هذا المشروع".
وفي حديث مع السّيّد فادي سمارة من بلديّة الطّيرة قال: "مشروع التّسميات موجود عندنا في البلديّة منذ العام 1995، حيث نجحنا في تسمية ما يقارب المئة شارع في المدينة، وقد أرتأينا أن تكون التّسميات وفقًا لمعايير محدّدة تناسب تراث مدينتنا وموقعها الجغرافيّ، وحضارتها العربيّة الإسلاميّة إضافة لمصطلحات وتسميات عامّة".
مستشارون ومعايير للتّسمية في الطّيرة
وفي العام 2021، يضيف سمارة توجّهنا إلى مَجمع اللّغة العربيّة لكونه جسمًا مختصًّا، لمساعدتنا في مشروع التّسميات، وذلك من أجل مرافقة ميدانيّة واستشاريّة للمشروع وبخاصّة فيما يتعلّق بالجانب اللّغويّ.
وتابع سمارة: بناء عليها عقدنا جلسة في البلديّة مع أعضاء اللّجنة المختصّة بالتّسميات في الطّيرة مع البروفيسور مصطفى كبها رئيس مَجمع اللّغة العربيّة، وخلال الجلسة قدّمت اللّجنة وصفًا شاملًا لمشروع التّسميات، مع الاطّلاع على نتائج المسح الّذي شمل قرابة الـ 400 مشترك وطُرحت فيه اقتراحات لما يربو على الألف اسم، وبعد محو الاقتراحات المزدَوجة بقي ما يقارب ألـ 500 مقترح تسمية، الّتي كان من المطلوب فحصها بناء على المعايير الّتي تم وضعها لاختيار الأسماء".
وبحسب سمارة، فقد أعطى كبها توصياته إزاء وسائل التّسمية والمعايير المطلوبة، ومن التّوصيات:
"على لجنة التّسميات أن تستعين بفريق مستشارين، يشمل محاميًا ومهندسًا مدنيًا مساحًا، كذلك يترتّب على اللّجنة التّواصل مع (مركز الخرائط الإسرائيليّ) والحصول على خرائط قديمة وتاريخيّة وكذلك الحصول على وثائق طابو".
ومن بين اقتراحات البروفيسور كبها، بحسب سمارة، مسح جغرافيّ للأماكن التّاريخيّة كالمقامات وأراضي الوقف وغيرها.
كذلك، إعداد وثيقة تصف المفهوم العامّ لمشروع التّسميات، تحديد معايير واضحة بموجبها تتمّ التّسميات، على سبيل المثال الأشخاص الأوائل في أي مجال عامّ، كأوّل سيدة تنهي الدّراسة الثّانويّة، أو أول طبيب أو أول مُدرسَّة.
وأكّد سمارة أنّ بلديّة الطّيرة في حينه، ممثّلة بلجنة التّسميات، قامت بالموافقة على مقترحات رئيس مَجمع اللّغة العربيّة، ومتابعة جلسات لجنة التّسميات.
يُذكر أنّ جهود المَجمع أعلاه، تأتي في إطار مشروع مستمرّ، لتعزيز حضور اللّغة العربيّة في الحيّز العامّ، لما للّغة من أهميّة ثقافيّة واجتماعيّة، ولكونها مركّبا من مركّبات الهُويّة..
للمزيد من الأخبار المحلية والعالمية انضموا الى مجموعات الحمرا الإخبارية
قناة الواتس اب
https://whatsapp.com/channel/0029VaIQYOkDJ6H6OGOIBr3p
الفيسبوك
https://www.facebook.com/elhmranews/
قناة التيلجرام
https://t.me/newselhmra
[email protected]






