مراقب الدولة، متنياهو إنجلمان: "دولة إسرائيل أخفقت في إدارة امتياز البحر الميت فيما يتعلق بحماية البيئة والأراضي. ثروات البحر الميت الطبيعية هي ملك للجمهور، ولذلك فإن النتائج الخطيرة والكثيرة التي كشف عنها التقرير ينبغي أن تثير قلق كل مواطن في دولة إسرائيل.
نحن أمام إخفاقات تنظيمية متواصلة ومتراكمة تشير إلى عجز وعدم الالتفات للموارد العامة وانعدام الحوكمة من قبل الحكومات المتعاقبة على مدار عشرات السنين، وذلك في منطقة واسعة تضمّ واحدة من أثمن الثروات الطبيعية في إسرائيل. نتيجة لذلك، أُنشئت العديد من البُنى التحتية، ومواقع الحفر، وبرك التبخير الاصطناعية، وأكوام النفايات التي تلحق الضرر بالبيئة، دون رقابة أو تنظيم ملائم، ودون دراسة إمكانية فرض رسوم بيئية أو مدفوعات أخرى مقابلها.
يجب على وزراء المالية، حماية البيئة والطاقة، وصنّاع القرار في المستويات المهنية التابعة للسلطة التنفيذية، العمل بحزم لمعالجة الإخفاقات التي طُرحت، وإحداث التغيير المطلوب، والعمل على بلورة امتياز مستقبلي يمنع تكرار أوجه القصور هذه.
إدارة امتياز البحر الميت والإشراف عليه – الجوانب المتعلّقة بالبيئة والأراضي
يهدف هذا الفحص إلى دراسة كيفية إدارة امتياز البحر الميت والإشراف عليه من الناحية البيئية والعقارية، وكيفية قيام الجهات التنظيمية المختلفة خلال السنوات بممارسة صلاحياتها أمام شركة مصانع البحر الميّت للحفاظ على هذه المصالح. وبنظرة مستقبلية، فإن نتائج هذا التقرير جديرة بالتعلّم واستخلاص العبر في هذه الفترة تحديدًا، في ظل استعداد الدولة لصياغة تسوية امتياز جديدة قبيل تجديد الامتياز في السنوات القادمة.
معطيات أساسية
تنظيم نشاط شركة مصانع البحر الميّت من خلال تحديد شروط بيئية في رخصة العمل
تنظيم جزئي للشروط البيئية في رخص العمل داخل نطاق المصانع
• الشروط البيئية لتشغيل مصنعي البروم والبوتاس – لم تقم وزارة حماية البيئة بتحديث الشروط البيئية في رخصة العمل لمصنع البروم لمدة تقارب 25 عامًا، ولم يتمّ تحديث الشروط البيئية في رخصة العمل لمصنع البوتاس لمدة تقارب 15 عامًا، كما لم تتضمن شروط رخصة العمل لمصنع البروم أي معالجة لمياه الصرف الصناعي ومخاطر الأسبست.
• الشروط البيئية لتشغيل محطة الطاقة الجديدة في مصنع البوتاس – لم تحدّد وزارة حماية البيئة شروطًا بيئية مخصصة لمحطة الطاقة الجديدة ضمن رخصة العمل لمصنع البوتاس حيث تعمل المحطة.
قصور في التنظيم البيئي من خلال رخصة العمل بخصوص الأنشطة الصناعية لشركة مصانع البحر الميّت خارج نطاق المصانع – تبيّن أنه منذ عام 1995 وحتى انتهاء التدقيق (يونيو 2024)، لم تُمارس وزارة حماية البيئة، المسؤولة عن فرض الشروط البيئية في رخصة العمل، صلاحياتها بشكل كافٍ فيما يتعلق بأنشطة مصانع البحر الميّت ضمن الامتياز خارج نطاق المصانع، بحيث نُفّذت جميع الأنشطة دون شروط بيئية مخصصة ضمن رخصة العمل.
تبيّن أن الأنشطة الصناعية التي نفّذتها مصانع البحر الميّت تسببت على مر السنين بأضرار بيئية كان بالإمكان تفاديها لو وُضعت لها شروط بيئية مخصصة ضمن رخصة العمل، ولو أشرفت وزارة حماية البيئة على تنفيذها بشكل فعّال. إن غياب الشروط البيئية المخصصة ضمن رخصة العمل أدّى أيضًا إلى صعوبات في تطبيق القانون حسب قانون ترخيص الأعمال بخصوص هذه الأضرار، ما يجعل الإخفاق في الرقابة والإنفاذ في هذا الشأن خطيرًا:
• تسرّب مستمر للبوتاس من ناقل "تسيفع" إلى محمية صحراء يهودا الطبيعية – حيث تبيّن أنه على مدار السنوات تسربت كميات كبيرة من البوتاس من الناقل إلى المناطق المفتوحة المحيطة به.
• تسرّب مواد ملوثة من خطوط النقل إلى محمية صحراء يهودا الطبيعية – حيث تبيّن أنه من أكتوبر 2020 حتى يناير 2024 وقعت ثماني حالات تسرّب لمواد ملوثة إلى أراضي المحمية، ما تسبّب بأضرار بيئية للحيوانات والنباتات.
•في عام 2022 وقع تسرّب في قناة التغذية تسبب بأضرار بيئية جسيمة في وادي تسئيليم، بما في ذلك أضرار ملحوظة وموت أنواع نباتية عديدة، بعضها يُعتبر من القيم الطبيعية المحمية. وتبيّن أن وزارة حماية البيئة بدأت فقط بعد الحادث باتخاذ خطوات لإضافة شروط بيئية مخصصة ضمن رخصة العمل لشركة مصانع البحر الميّت بخصوص قناة التغذية، وقد تم تسليم هذه الشروط لـمصانع البحر الميّت بعد انتهاء التقرير الرقابي.
نحن أمام إخفاقات كبيرة في تنظيم وزارة حماية البيئة تحدث في منطقة حساسة بيئيًا وإيكولوجيًا.
تنظيم نشاط الحفر والاقتلاع لشركة مصانع البحر الميّت
على مدار سنوات طويلة، لم تقم وزارة الطاقة بمسؤوليتها العامة فيما يخص تنظيم نشاط الحفر والتعدين الواسع النطاق الذي نفذته شركة مصانع البحر الميّت ضمن منطقة الامتياز. ويشكّل ذلك إخفاقًا مستمرًا ومقلقًا ذا تأثيرات بيئية واقتصادية بعيدة المدى.
تبيّن أنه حتى عام 2009، لم تُشرف وزارة الطاقة على أنشطة الحفر والاقتلاع والتعدين التي نفذتها مصانع البحر الميّت ضمن منطقة الامتياز، ولم تجمع معلومات حول كميات وأنواع المواد المُستخرجة، رغم أن ذلك كان من صلاحيتها وواجبها. وفي عام 2009، توصّلت وزارة الطاقة مع مصانع البحر الميّت إلى مخطّط رقابي، إلا أن الوزارة لم تضمن تنفيذه الكامل. ومنذ عام 2011 وحتى انتهاء التقرير، لم تتلق الوزارة تقارير من مصانع البحر الميّت حول كميات المواد المُنتجة، ولم تُنفّذ جولات رقابية شاملة كما هو الحال في مواقع حفر وتعدين أخرى، ولا توجد بحوزتها بيانات أو تقديرات حول كميات المواد المُقتَلعة، أو طريقة تنفيذ التعدين ومدى استغلال المواد. في ظل غياب الرقابة والمعلومات، لم يتم ضمان الاستخدام الفعّال للموارد الطبيعية، وهو أمر ذو أبعاد اقتصادية وبيئية.
تبيّن أن التنظيم الإداري من خلال رخصة الحفر والاقتلاع، الذي تطبّقه وزارة الطاقة تجاه عشرات الجهات التي تنفّذ عمليات اقتلاع في أنحاء البلاد، لم يُطبّق على نشاط التعدين الخاص بشركة مصانع البحر الميّت حتى موعد انتهاء التدقيق (يونيو 2024). ورغم أن وزارة الطاقة أعربت في عام 2018 عن موقفها بأنّه من المناسب تنظيم نشاط التعدين ضمن الامتياز بواسطة رخصة اقتلاع، إلا أنها لم تتخذ خطوات فعلية لتنظيم الرخصة. وقد بدأ النظر مجددًا في هذا الموضوع فقط عقب تدقيق مراقب الدولة والأسئلة التي طُرحت خلاله.
عدم جباية رسوم من مصانع البحر الميّت مقابل نشاط التعدين – لم تطالب وزارة الطاقة وسلطة أراضي إسرائيل مصانع البحر الميّت بدفع رسوم مقابل المواد التي قامت باقتلاعها لسنوات عديدة ضمن منطقة الامتياز، ولم تبحثا مبررات ذلك. ووفق حسابات مراقب الدولة، وبالاعتماد على معطيات قدّمتها مصانع البحر الميّت لوزارة الطاقة حول حجم التعدين في عام 2010 كمؤشر تقريبي، فقد تصل قيمة هذه الرسوم خلال العقد الماضي إلى أكثر من 120 مليون شيكل.
غياب الترميم لمواقع التعدين المهجورة – لم تطالب وزارة الطاقة ووزارة حماية البيئة شركة مصانع البحر الميّت بتنفيذ ترميم كامل لمواقع التعدين التي أنهت فيها عمليات التعدين ضمن منطقة الامتياز. إن مواقع التعدين المهجورة التي لم يتم ترميمها تُشكّل ضررًا بصريًا وبيئيًا في قلب مناطق مفتوحة وطبيعية في المشهد الفريد للبحر الميت.
تنظيم وإشراف سلطة أراضي إسرائيل على الاستخدامات التي تنفّذها مصانع البحر الميّت ضمن منطقة الامتياز
تشير نتائج التدقيق إلى وجود قصور في طريقة إدارة سلطة أراضي إسرائيل على مدار عشرات السنين فيما يتعلق بإدارة الأراضي الواقعة ضمن امتياز البحر الميت والإشراف على استخدامات مصانع البحر الميّت لها. وقد أدّى ذلك إلى تضرر الرقابة الحكومية على ما يجري ضمن منطقة الامتياز، وإلحاق الضرر بالخزينة العامة.
• تبلغ مساحة الأراضي المحميّة نحو 240,000 دونم، وبحسب قانون الامتياز فإن استخدام هذه الأراضي يتطلب تغيير وضعيتها لأراضٍ مستأجرة ودفع رسوم إيجار سنوية وفقًا لذلك. وقد تبين في التدقيق أنه رغم إقامة منشآت لصالح مصانع البحر الميّت على هذه الأراضي على مدار السنوات، إلا أن سلطة أراضي إسرائيل لم تقم بتغيير وضعية هذه الأراضي كما يقتضي القانون، ولم تطلب من مصانع البحر الميّت دفع رسوم، كما لم تُجرِ جولات رقابية في هذه المناطق.
•تبيّن أنه رغم جفاف مساحات واسعة من البحر الميت منذ سنّ قانون الامتياز، بحيث تحولت حوالي 250 كم² من مساحة البحر حتى عام 2024 إلى يابسة أُقيمت عليها منشآت صناعية، إلا أن سلطة أراضي إسرائيل لم تفحص وضعية الأراضي الجديدة ولا مسألة فرض رسوم إيجار مقابل استخدام هذه المساحات.
• تبيّن أنه رغم معرفة سلطة أراضي إسرائيل بأن جزءًا من الكهرباء المُنتَجة في محطة الطاقة الجديدة التي أنشأتها مصانع البحر الميّت والتي بدأت العمل في مصنع البوتاس عام 2018، لا يُستخدم لأغراض ذاتية من قبل مصانع البحر الميّت، إلا أنها لم تعمل على تنظيم هذا الاستخدام أو إيقافه، ولم تفرض أي رسوم مقابله، ما يدلّ على خلل تنظيمي في إدارة هذا الاستخدام وممارسة سلطة إدارة أراضي الدولة واجباتها ودورها ضمن منطقة الامتياز.
الدفع مقابل الأراضي الواقعة ضمن الامتياز – بحسب معطيات سلطة أراضي إسرائيل، حتى عام 2024 تبلغ رسوم الإيجار السنوية التي تدفعها مصانع البحر الميّت نحو 2.7 مليون شيكل. وقد تبيّن أن سلطة أراضي إسرائيل، بصفتها الجهة المسؤولة عن إدارة أراضي الدولة، ووزارة المالية بصفتها المسؤولة عن قانون الامتياز، لم تفحصا على مدار السنوات مسألة تعديل رسوم الإيجار وفرض رسوم على الأراضي المحميّة التي تبلغ مساحتها نحو 240,000 دونم، رغم مرور الوقت والتغيّرات المحتملة في قيمة الأراضي.
التعامل مع أضرار النفايات التي أنتجتها مصانع البحر الميّت ضمن منطقة الامتياز
كجزء من العملية الصناعية، تنتج مصانع البحر الميّت كميات ضخمة من النفايات التي يتم تكديسها جزئيًا في مواقع نفايات داخل منطقة الامتياز. وتشير نتائج هذا القسم إلى إخفاق تنظيمي خطير من قبل وزارة حماية البيئة، يعكس غياب الرقابة على ما يجري ضمن منطقة الامتياز ويدل على تقاعس الوزارة في معالجة أضرار النفايات.
غياب المعالجة لنفايات مصانع البحر الميّت الصناعية – تقوم مصانع البحر الميّت سنويًا بتكديس كميات كبيرة من نفايات الطين الملحي (15,000 طن سنويًا)، نفايات الملح (2,000,000 طن سنويًا) وملح القصّ. وقد تبيّن أنه على مدار عشرات السنين وحتى انتهاء التدقيق، لم تضع وزارة حماية البيئة أي متطلبات أو إرشادات ضمن شروط رخص العمل لمصانع البحر الميّت بخصوص كيفية التعامل مع تدفّقات النفايات الصناعية المختلفة. في عام 2023، طلبت الوزارة تقديم خطة تنظيم لنفايات الطين الملحي في مصنع المغنيسيوم خلال 12 شهرًا، وإنهاء تنظيم موقع الطين الملحي حتى نهاية 2028، إلا أنه رغم مرور أكثر من عامين على تحديد هذه الشروط، لم تصرّ الوزارة على تقديم الخطّة المطلوبة.
المواقع التي تُكدّس فيها النفايات تُشكل ضررًا للمنظر الطبيعي يظهر من مسافات بعيدة وله تأثيرات بيئية، منها أضرار إيكولوجية وتلوّث للتربة. وفي "جبل الملح"، حيث تُنقل نفايات الملح، تبيّن وجود تلوث تربة بحجم نحو 300,000 متر مكعب نتيجة نقل كميات كبيرة من المازوت إليه.
تبيّن أنه رغم دخول التعديل على قانون الحفاظ على النظافة، الذي يفرض رسوم طمر، حيّز التنفيذ عام 2007، لم تلزم وزارة حماية البيئة شركة مصانع البحر الميّت بدفع رسوم الطمر مقابل طمر نفايات الملح والطين الملحي، ولم تفحص إمكانية فرض هذه الرسوم، وذلك رغم حجم الطمر الكبير سنويًا (مليونا طن و15,000 طن على التوالي).
على سبيل المثال، وفقًا لحساب أجراه مكتب مراقب الدولة، لو كانت وزارة حماية البيئة قد فرضت رسوم طمر على هذه النفايات، لبلغت قيمة الرسوم التي كان على مصانع البحر الميّت دفعها لصندوق الحفاظ على النظافة في عام 2023 ما بين 90 مليون شيكل و135 مليون شيكل.
تشير نتائج التدقيق إلى وجود فجوات معلوماتية بين الجهات التنظيمية المختلفة العاملة في منطقة الامتياز، ومن بينها وزارة حماية البيئة، وزارة الطاقة، المجلس الإقليمي تمار، سلطة المياه، سلطة الطبيعة والحدائق وسلطة أراضي إسرائيل، بشأن أنشطة مصانع البحر الميّت في منطقة الامتياز، إضافة إلى غياب التنسيق في المواضيع المشتركة التي تتطلب تعاونًا وفحصًا مشتركًا من قبل عدة جهات تنظيمية. وقد أدّت هذه الفجوات إلى عدم ممارسة الصلاحيات المطلوبة في منطقة الامتياز في كثير من الأحيان. على سبيل المثال:
•كمية كبيرة من المياه، تعادل نحو ربع كمية المياه التي تضخّها مصانع البحر الميّت من البحر الميت، تتسرّب من أكبر بركة تبخير صناعية تابعة لها، وهو تسرّب ذو تأثيرات بيئية.
مراقب الدولة، متنياهو إنجلمان، أوصى بأن تعمل وزارة المالية، بصفتها الجهة التي تقود الطاقم الحكومي لصياغة تسوية الامتياز المستقبلية مع انتهاء الامتياز الحالي عام 2030، بالتعاون مع وزارة حماية البيئة، على دراسة كيفية معالجة القضايا المختلفة التي أُثيرت في التقرير، والنظر في الحاجة إلى إقامة هيئة تنسيقية خاصة تساعد في إدارة الامتياز المستقبلي والإشراف عليه.
على الجهات المذكورة في التقرير العمل بحزم لمعالجة الإخفاقات التي طُرحت. وفي هذا الشأن، من الضروري أن يكون الوزراء والمديرون العامون المعنيون جزءًا من عملية تصحيح الإخفاقات وتنفيذ التوصيات الواردة في التقرير.
في ضوء النتائج المطروحة في التقرير، يجب على الوزارات الحكومية والجهات المذكورة فيه، بما في ذلك وزارة المالية، وزارة حماية البيئة، وزارة الطاقة وسلطة أراضي إسرائيل، إجراء فحص معمّق لطريقة تعاملها مع مصانع صناعية كبرى أخرى، والتأكّد من عدم وجود خلل تنظيمي في تطبيق صلاحياتها، كما تَبيّن في هذا التقرير.
نظرًا لأهمية نشاط مصانع البحر الميّت وأي صاحب امتياز مستقبلي، وبسبب الاستخدام المكثف للموارد الطبيعية بموجب الامتياز وتأثيره على البيئة، فإن مسؤولية تصليح الإخفاقات الواردة في هذا التقرير تزداد ثقلاً. ومن الجدير التفكير في توسيع رقابة الدولة لتشمل صاحب الامتياز فيما يتعلق بنشاطه في موارد البحر الميت ومحيطه. وبنظرة مستقبلية، فإن نتائج هذا التقرير جديرة بالتعلّم واستخلاص العبر في الوقت الراهن، مع استعداد الدولة لصياغة تسوية امتياز جديدة مع اقتراب انتهاء الامتياز القائم عام 2030.
[email protected]