رغم الأزمات الرهيبة والفضائح يواصل السويسري بلاتر تربعه على عرش الفيفا لولاية خامسة. بلاتر الذي يتفنن في "طحن" خصومه، تنتظره الآن تحديات جديدة. في هذه السطور نسلط الضوء على الرجل "الإخطبوط" متعدد المواهب ومحطم المنافسين.
يتمتع السويسري جوزيف بلاتر، الذي أعيد انتخابه رئيسا للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لولاية خامسة اليوم الجمعة (29 مايو/أيار) في زيوريخ رغم الزلزال الذي عصف بالمنظمة الدولية على خلفية اتهامات بالفساد، بمواهب متعددة لا تقتصر فقط على نجاحاته في تقديم عروض باهرة وإجادته أكثر من لغة.
ويعرف عن بلاتر (79 عاما) ذكاءه الحاد ودرايته في معالجة أكبر المشكلات التي تعترض طريقه بدبلوماسية مشهودة، فضلا عن أنه صاحب مبادئ لا يتراجع عنها ويذهب بأفكاره حتى النهاية. وبعد أن لمع طالبا ثم نال شهادة في الاقتصاد والتجارة من جامعة لوزان (سويسرا)، بدأ مسيرته عام 1959 أمينا عاما لهيئة السياحة في فاليه، قبل أن يصبح عام 1964 مديرا في الاتحاد السويسري للهوكي، وما لبث أن عُيّن بعد سنتين رئيسا للجمعية السويسرية للصحافة الرياضية، وهو يفخر بهذا المنصب.
ولقيت حياته تحولا جذريا عندما بلغ الثانية والثلاثين، حيث تعاقدت معه شركة لونجين السويسرية لصناعة الساعات حيث أوكل إليه منصب مدير العلاقات العامة والتسويق فيها، وشارك مع هذه المؤسسة بصفتها الراعية الأساسية للتوقيت في أولمبياد ميونيخ (ألمانيا) عام 1972. وانضم بلاتر إلى الفيفا عام 1975، بعد سنة واحدة على انتخاب البرازيلي جواو هافيلانج رئيسا وأوكل إليه منصب المدير الفني عام 1977، قبل أن يعين أمينا عاما عام 1981 خلفا للألماني هلموت كايزر.
ويقول بلاتر "منذ تعييني أمينا عاما لم أعش سوى لكرة القدم، لقد تزوجت الفيفا على حساب عائلتي وحياتي الشخصية". ولأنه خضع لدورات تدريبية في صفوف الجيش السويسري كسائر مواطنيه فوصل إلى رتبة كولونيل، وهي أعلى رتبة لغير العاملين في الجيش بصفة رسمية، ونظرا لعلاقاته القوية والنافذة فإن مدينة سيون عينته رئيسا لملفها الترشيحي لاستضافة الألعاب الاولمبية الشتوية عام 2006.
عاش بلاتر في اليومين الماضيين مفترق طرق في حياته، رغم ثقته الكبيرة في الفوز لولاية خامسة من أربع سنوات على منافسه الوحيد الأردني الأمير علي بن الحسين، خصوصا بعد أن حصل على دعم مطلق من معظم الاتحادات القارية في كونغرس الفيفا السابق على هامش مونديال 2014 في البرازيل باستثناء القارة الأوروبية.
وكان بلاتر خلال انتخابه لأول مرة رئيسا للفيفا عام 1998، تخلص من منافسه الوحيد يومها السويدي لينارت يوهانسون، بعد أن استقطب أصوات معظم الدول التي كانت تدعم منافسه. ولكي يضمن أكبر قدر من التأييد في الانتخابات الأولى، اقترح على الفور اسم ميشال بلاتيني رئيس اللجنة الفرنسية المنظمة لكأس العالم كمدير تنفيذي للاتحاد في حال انتخب رئيسا، وقال "وجدت شريكا من أصحاب الكفاءة والخبرة هو ميشال بلاتيني، فهو يشاطرني أفكاري وأنا أشاطره أفكاره، وسيكون إلى جانبي في الحملة ومديري التنفيذي" في حال الفوز بالانتخابات. وكان من شأن هذا الاختيار أن تخلت فرنسا عن مرشحها الأول لتقول "نعم" لابنها بلاتيني و"لا" لجارها السويدي، وهذا الموقف أثر بالتأكيد على بعض الدول الأوروبية الأخرى، وقد حذت حذوها انكلترا في عملية "تصفية حسابات" مع يوهانسون الذي دعم ترشيح منافستها ألمانيا لاستضافة مونديال 2006.
وأعيد انتخب بلاتر دون أي منافسة مرتين متتاليتين، قبل أن يتمرد عليه القطري محمد بن همام قبل 4 سنوات، لكن السويسري، بحنكته ومعرفته بتوجيه الضربات القاضية في الوقت المناسب، أرغمه على الانسحاب عشية الانتخابات بعد أن وجه له اتهامات بالرشوة وشراء الأصوات وجعل منه رجلا مهمشا، قبل أن يعاد له الاعتبار عبر محكمة التحكيم الرياضي التي دفعت ببراءته بعد أن أصبح خارج اللعبة تماما.
وقطع بلاتر عهدا أنه لن يترشح بعد ذلك، لكنه خلافا لذلك عمل على إدخال تعديلات على قوانين المنظمة العالمية لم تحدد عمرا معينا للمرشح ولا عدد الولايات المتتالية. وعلت الأصوات وكان أوضحها لبلاتيني بالذات الذي أكد مرارا أنه لن يترشح في وجه بلاتر، واتهم السويسري بـ"الخداع والكذب"، وكثرت الترشيحات في وجه "الأخطبوط" السويسري حتى رسا العدد الأخير على ثلاثة منافسين انسحب منهم رئيس الاتحاد الهولندي ميكايل فان براغ والدولي البرتغالي السابق لويس فيغو ليبقى الأمير الأردني علي وحيدا في السباق.
[email protected]