ربما كانت الحرب المشتعلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هي الأسوأ والأكثر كارثية في تاريخ الحروب التي ظلت تدور رحاها في البلاد منذ قبيل استقلالها، إذ إن الحرب الحالية استهدفت مركز البلاد وثقلها السكاني والسياسي والاقتصادي، حيث دارت كل تلك الحروب السابقة في ميادين ومسارح خارج العاصمة الخرطوم والمدن الكبيرة، فلم يسبق أن نزح ما يقارب العشرة ملايين سوداني وتشتت حوالي الاثنين مليون بين الملاجئ.
وطال التدمير بسبب آلة القتال المستخدمة من الطرفين كل شيء، وانهارت الخدمات ليس في الولايات المتأثرة بالحرب، فحسب، بل شملت حتى الولايات البعيدة. ولعل التخريب الذي تعرضت له المنشآت الحيوية والبنية التحتية، هو الأشد، حيث استهدفت القذائف المتبادلة بين المتقاتلين، الطرق والجسور، ومحطات المياه والكهرباء والمراكز العلاجية والمدارس والجامعات، والمصانع، بل لم تسلم منشأة في العاصمة الخرطوم من التدمير الجزئي أو الكلي، ما يجعل الخسائر مضاعفة.
وكلما التهمت نيران الحرب منشأة جديدة تبارى طرفا القتال في تبادل الاتهامات، كل يمد إصبع الاتهام ناحية الآخر، وما بين اتهامات الطرفين وقذائفهم المتبادلة تظهر المأساة، مأساة شعب وجد نفسه محاطاً بحرب قضت ولا تزال تقضي على الأخضر واليابس، بل وتهدد مستقبله وتضع وحدته على محك التفكك، ليظل العنوان البارز أن أربعة عشر شهراً من المعارك المتواصلة أحالت البلاد إلى خراب يصعب إصلاحه، ما لم تتوفر الإرادة الكافية لطرفي النزاع بإنهاء الاقتتال.
وتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أمس، الاتهامات بتدمير جسر الحلفايا الرابط بين الخرطوم بحري شرقًا وأم درمان غرباً. وشمل الدمار خطوط أنابيب النفط ومصفاة الخرطوم لتكرير النفط وهو المصفاة الرئيسي في البلاد، كما امتدت ألسنة اللهب إلى المستودعات الرئيسية بالمصفاة، هذا بجانب التدمير الكلي الذي لحق بحقول بليلة لإنتاج النفط بولاية غرب كردفان، كما طال الدمار محطات توليد الكهرباء، والمياه، إذ تم تدمير محطة بحري للتوليد الحراري وهي تمثل اكبر محطة للتوليد الكهرباء بالعاصمة الخرطوم، ومع بداية الحرب دمرت محطة مياه الخرطوم بحري التي تغذي مناطق واسعة من الخرطوم بالمياه هذا بجانب ما لحق الطرق والمنشآت الأخرى بالقطاعين الخاص والعام.
[email protected]