يزداد وعي الكثير من المتدرّبين، سواء كانوا هواة أو محترفين، بأهميّة جودة الطعام الذي يستهلكونه، وكمّيته، وتوقيت تناوله، مع تقدّم الأبحاث في هذا المجال، يزداد التركيز على أهمّية التغذية لهم كما وتكثر الأسئلة حول الموضوع، ركيفت أريئيلي تحاول ترتيب الأمور لكم.
بقلم: ركيفت أريئيلي، أخصائية تغذية سريرية ورياضية
يدرك العديد من المتدرّبين، سواء كانوا هواة أو محترفين، كم هي مهمّة جودة الطعام الذي يستهلكونه، وكمّيته، وتوقيت تناوله. لكن مع تقدّم البحث، تزداد أهمّية التغذية للرياضيين، وهي مرتبطة أيضًا بجوانب أخرى تساهم بشكل غير مباشر في تحسين القدرات، مثل أداء الجهاز المناعي لوظيفته، والوقاية من الإصابات وغيرها.
أحد التحديات هو كيفية تقليل انتشار الأمراض والإصابات بين المتدرّبين. النشاط البدني يقلّل من معدّلات الإصابة بالأمراض، والشخص النشيط يمرض أقلّ بكثير من الشخص الذي يقضي معظم ساعات اليوم وهو جالس، ولكن النشاط البدني المكثّف ولساعات طويلة يزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
تم إجراء أبحاث ودراسات على العديد من مكوّنات التغذية في سياق النشاط البدني وأداء الجهاز المناعي، ومن بين هذه المكوّمات: الزنك، المغنيسيوم، الحديد، السيلنيوم، فيتامين C فيتامين D وغيرها. من المعروف أن لهذه المكونات الغذائية أهمية لأداء جهاز المناعة وظيفته بشكل سليم، لكن الدراسات التي تناولت إضافة هذه المكونات كمكمّلات غذائية وتأثيرها على وظيفة الجهاز المناعي لم تجد علاقة واضحة. غياب التأثير الفعلي والحقيقي للإضافات الغذائية يقود الباحثين الرائدين في مجال التغذية والجهد البدني إلى أن ينصحوا باتّباع استراتيجية "الغذاء أوّلا". وتوصي هذه الطريقة بتناول الطعام بشكله الكامل (أكل) كاستراتيجية أوّلية لضمان حصول الجسم على مكوّنات الغذاء الضرورية. وترتكز هذه الطريقة على الفكرة القائلة بأن استهلاك الغذاء له العديد من المزايا مقارنة باستهلاك المكمّلات الغذائية.
تأسّست أبحاث التغذية التقليدية على طريقة تفكيك الغذاء إلى مكوّنات غذائية معزولة ودراسة تأثيرها على صحة الإنسان، وهكذا تم اكتشاف الفيتامينات، مثل فيتامين "سي" ومرض الإسقربوط (وهو مرض ناتج نقص فيتامين "سي"). القدرة على التعامل مع سوء التغذية بإضافة هذه المكونات الغذائية المعزولة كمكمّلات غذائية وإثراء التغذية بالطاقة قد حسّنت من رفاهية الإنسان. وهكذا تشكّل نهج غذائي يعتمد على مكوّنات فردية وساهم في فهم الأمور ووضع السياسات. من هنا بدأ نموّ صناعة كاملة تقول إن المكونات الغذائية لها قيمة صحّية متساوية سواء أتت بشكلها المعزول كمكمّلات غذائية أو كجزء من الغذاء الكامل. كان التركيز على المكوّنات الغذائية، ونحن لا نتناول المكوّنات الغذائية بمفردها، بل نستهلك طعامًا يوفر خليطا من المكونات الغذائية والمركّبات الأخرى. الأغذية تشكّل وجبات مختلفة ومتنوّعة يتم تناولها طوال اليوم وتشكل تغذية الإنسان.
"الغذاء أوّلا" هو نهج يركّز على الأغذية الكاملة وليس على المكوّنات المعزولة التي تشكلها. ويدرس هذا النهج تأثير المكونات الغذائية الطبيعية والعلاقات المتبادلة بينها على الأنظمة البيولوجية للإنسان. هذا النهج يتعزّز بناءً على عدة دراسات سريرية لم تنجح في إثبات فعّالية المكوّنات الغذائية المعزولة. على سبيل المثال، "اليوجورت" على أساس حليب البقر يحتوي على بروتين الكازين وبروتين مصل اللّبن، استهلاك نوعين من البروتين يطيل الوقت الذي تبقى فيه الأحماض الأمينية (التي تشكل البروتين) في مجرى الدم، بالإضافة إلى أن "اليوجورت" يحتوي أيضًا على الكالسيوم، الزنك، المغنيسيوم التي لها تأثير إيجابي على الصحة. بدأ نهج تناول الطعام الكامل يكتسب دعمًا علميًا في مجالات بحثية مختلفة ويثبت وجود تأثير معزّز لاستهلاك الطعام الكامل مقارنةً بتناول الطعام المفصول.
على سبيل المثال، في موضوع بناء العضلات بعد التمرين، وُجد أن استهلاك بيضة كاملة (البروتين والصفار)، مقارنةً بالبروتين وحده، يحسّن بناء العضلات بعد التمرين. استهلاك الحليب ذي النسبة العالية من الدهون، مقارنةً بتناول الحليب قليل الدهون، أظهر تحسّنًا أكبر في بناء العضلات بعد التمرين.
"الغذاء أوّلا" هو نهج يرتكز على الأبحاث لاستهلاك طعام متنوع، من أجل تحسين الصحّة والقدرات البدنية، هذا النهج يعزّز عادات تناول طعام صحية، مرنة وممتعة.
يُنصح بأن يتبنّى الرياضيون هذا النهج ويسعون لتوفير العناصر الغذائية اللازمة لأجسامهم من خلال استهلاك نظام غذائي متوازن وعالي الجودة.
[email protected]