أفادت القناة 13 الإسرائيلية، مساء ، الأحد، بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اتخذ قرارا بتقييد دخول الفلسطينيين من مناطق الـ48 والقدس ، إلى المسجد الأقصى، لأداء الشعائر الدينية، خلال شهر رمضان في آذار/ مارس المقبل، وذلك رضوخا للضغوط التي مارسها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وخلافا لتوصية الأجهزة الأمنية.
وذكرت القناة أن القرار اتخذ مساء الاحد، خلال مداولات عقدت في هذا الشأن برئاسة نتنياهو ومشاركة وزير الأمن القومي، ووزير الأمن، يوآف غالانت، والجهات الأمنية المعنية، وذلك على خلفية تحذيرات الشاباك من فرض قيود تحد من دخول فلسطينيي مناطق الـ48 إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، الأمر الذي قد يؤدي إلى "انفجار" الأوضاع الميدانية.
وقال مسؤولون في الأجهزة الأمنية، خلال مداولات عقدت في الأيام الماضية إنه "إذا تم منع العرب الإسرائيليين الذين يحملون بطاقات هوية زرقاء من دخول جبل الهيكل (التسمية التوراتية للحرم القدسي) في شهر رمضان، فإن ذلك قد يؤدي إلى اضطرابات واسعة في أوساطهم".
وأضاف المسؤولون، بحسب القناة 13، أن "القابلية لانفجار فلسطينيي القدس الشرقية والفلسطينيين المواطنين في إسرائيل في أعقاب خطوة من هذا القبيل يمكن أن تكون أكبر بكثير مما قد يحدث في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)"، في حين لفتت القناة 12 إلى أن بن غفير يحاول فرض قيود واسعة على دخول جميع الفلسطينيين للمسجد الأقصى.
كما يعارض بن غفير، بشكل قاطع، السماح للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية المحتلة بدخول المسجد الأقصى خلال رمضان، الأمر الذي عبر عنه في بيانات رسمية صدرت عنه، معتبرا أن ذلك يعبّر "الاستفادة من درس السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي"، متذرعا بأن سكان الضفة الغربية يؤيدون هجوم "طوفان الأقصى" بشكل واسع.
وفي نشرتها المسائية أمس، السبت، كشفت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11")، أن الشرطة طالبت بأن تنشر قوة دائمة داخل الحرم القدسي على مدار شهر رمضان، بزعم التحرك السريع للتعامل العاجل مع "التحريض أو لإحباط مظاهر الدعم لحركة حماس"، الأمر الذي عارضه الشاباك.
وفي سياق متصل، قالت صحيفة إسرائيلية إن الإدارة الأمريكية، وأجهزة الأمن الإسرائيلية، يشعرون بقلق بالغ من أن وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير يسعى لإثارة التوترات في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ما يهدد بصب مزيد من الزيت على النار على الوضع في المنطقة مع استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة، ومزيد من تصعيد الوضع في القدس والضفة الغربية المحتلتين، فيما تسعى الولايات المتحدة إلى احتوائه.
ونقلت “تايمز أوف إسرائيل” عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، القول إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من قيام بن غفير بزيارة الحرم القدسي، مرة أخرى، خلال رمضان، الذي يبدأ بعد نحو شهر.
والجمعة، طالب بن غفير الحكومة بمنع دخول فلسطينيي الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى خلال رمضان، وتقييد دخول فلسطينيي القدس والداخل.
وذكرت القناة “12” العبرية ، أنّ بن غفير، طالب الحكومة أيضا بمنع فلسطينيي الضفة الغربية من دخول إلى المسجد الأقصى “مطلقًا”.
كما طالب بمنع دخول الفلسطينيين من القدس والداخل لمن هم تحت سنّ 70 عامًا.
وكان بن غفير قد قام بجولة في الأقصى 3 مرات، منذ أن أصبح وزيراً في ديسمبر/كانون الأول 2022، مما أثار الكثير من التوترات، وسيلاً من الإدانات في جميع أنحاء العالم، باعتبار ذلك جزءاً من خطته لتغيير الوضع الراهن في المسجد.
وبموجب الوضع الراهن، وهو الترتيب السائد منذ عقود بالاتفاق مع المملكة الأردنية، يُسمح لليهود وغيرهم من غير المسلمين بالتجول في الأقصى خلال ساعات معينة، شريطة أن يكون العدد محدداً ودون أي طقوس دينية، وهو وضع يحاول اليمين الإسرائيلي تغييره.
وهذه الاقتحامات كانت في السنوات الماضية شرارة انتفاضات وجولات تصعيد كبيرة.
وأطلقت “حماس” اسم “طوفان الأقصى” على هجومها في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 رداً على الاستهدافات التي يتعرض لها الأقصى.
وبحسب الصحيفة فقد حذر الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” (جهاز الأمن الداخلي) من أن سياسة بن غفير ستؤدي لإشعال الميدان في مناطق كاملة، وتحول المسجد الأقصى لمكان يتحد حوله الفلسطينيون، وفق القناة ذاتها.
وأشارت القناة “12”، إلى أن نقاشًا حادًا سيطرح مطلع الأسبوع المقبل، خلال جلسة مجلس الوزراء، حول دخول الفلسطينيين للمسجد الأقصى خلال رمضان.
وحسب مصدر الصحيفة، فإنّ الجيش الإسرائيلي وجهاز “الشاباك”، طلبا تحديد العمر المسموح له لدخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى من 45 عاما فما فوق، في المقابل طالبت الشرطة الإسرائيلية بأنّ يسمح الدخول لمن هم فوق سن 60 عامًا.
وتفرض الشرطة الإسرائيلية منذ بداية الحرب قيودا على دخول المصلين الفلسطينيين من كافة المناطق إلى المسجد الأقصى، وبخاصة أيام الجمع.
من جانبها، ذكرت هيئة البث العبرية “كان” (رسمية)، السبت، أن الشرطة اقترحت إبقاء القوات على وجود مستمر في الحرم القدسي للتعامل مع أي شخص يلوح بأعلام حماس أو يحرض ضد إسرائيل.
في حين قال “الشاباك” إنه لا توجد حاجة لمثل هذا التواجد، ويمكن التعامل مع أي محرضين في وقت لاحق.
ووفقا لتقرير منفصل للقناة “12” العبرية، يشعر بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية أنه كان هناك “نقص في الاهتمام من جانب رئيس الوزراء وأيضا في مجلس الوزراء” بشأن هذه القضية، وأن نتنياهو تردد في اتخاذ قرار ضد بن غفير.
ونقل التقرير عن أحد الوزراء: “منذ أسابيع حتى الآن، أثيرت القضية مع الولايات المتحدة ولا توجد قرارات.. سيصبح الأمر خطيرا.. نحن ندخل فترة رمضان بشكل سيئ.. إنه أمر دراماتيكي”.
وأضاف الوزير الذي رفض الكشف عن هويته: “هناك شعور بأن بن غفير أخذ نتنياهو رهينة.. ونتيجة هذا خطيرة”.
وذكرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على المستوى السياسي في إسرائيل، أنها ضغطت من أجل إدخال تسهيلات قبل رمضان الحالي، تشمل السماح للعمال بالعودة إلى إسرائيل، والسماح لأعداد من الفلسطينيين بالوصول إلى الأقصى، ودفع خطوات لتعزيز السلطة.
وعادة تخشى أجهزة الأمن الإسرائيلية تصعيداً في رمضان، وبلغت هذه المخاوف ذروتها هذا العام بسبب الحرب على قطاع غزة، والخشية من أن تتحول الضفة الغربية إلى جبهة ثالثة محتملة.
وقال المسؤول الإسرائيلي إنه بصفته الوزير المسؤول عن الشرطة، يلعب بن غفير دوراً حاسماً في تطبيق القانون في الموقع، وهناك قلق في واشنطن، وكذلك داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، من أن تؤدي توجيهاته للضباط في التشدد أكثر من اللازم في التعامل مع الفلسطينيين خلال رمضان، إلى إثارة أعمال عنف في القدس والضفة الغربية وخارجها.
ودق مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ناقوس الخطر قبل رمضان على مدى السنوات الثلاث الماضية، وحثوا إسرائيل على اتخاذ خطوات لتخفيف التوترات.
وأشاد المسؤولون الأمريكيون بحكومة بنيامين نتنياهو لاستجابتها العام الماضي، عندما رفض رئيس الوزراء دعوة بن غفير للسماح للمصلين اليهود بمواصلة الوصول إلى الحرم القدسي في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، خلافاً للسياسة الإسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة.
وكان هناك قلق خاص في السنوات الأخيرة، بسبب تزامن شهر رمضان مع عطلة عيد الفصح، والذي يشهد أيضاً ارتفاعاً طفيفاً في عدد المقتحمين اليهود إلى الحرم القدسي.
لكن عيد الفصح هذا العام سيصادف بعد أسابيع من انتهاء شهر رمضان.
وكانت آخر زيارة قام بها بن غفير إلى الأقصى في يوليو/تموز الماضي، خلال يوم الصيام “تيشعا بآف”، ودفعت الزيارة البحرين إلى تأجيل رحلة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إلى المنامة.
وبحسب التقرير سعى بن غفير للقيام بجولة في الموقع مرة أخرى خلال موسم الأعياد اليهودية، الخريف الماضي، لكن رئيس الشاباك رونين بار أقنعه بالتراجع عن الفكرة.
وتعهد بن غفير بمواصلة زيارة الموقع، ودعا الحكومة بشكل متزايد إلى اتباع نهج أقل تصالحية خلال الحرب الحالية.
وبناء على ذلك، أعرب المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون عن قلقهم من أنه سيكون من الصعب إقناع وزير الأمن القومي بالتراجع هذه المرة.
وأوضح المسؤول الأمريكي أن هذه المخاوف هي جزء من سبب سعي إدارة بايدن إلى التوصل إلى هدنة إنسانية ممتدة في غزة، قبل رمضان.
وقال المسؤول: “إذا لم يتم إتمام ذلك بحلول ذلك الوقت، فسنواجه صورة أكثر خطورة”، مضيفاً أن بلينكن سوف يثير القضية مع القادة الإسرائيليين خلال اجتماعاته في تل أبيب.
إلا أن مكتب بن غفير رفض طلباً للتعليق على الأمر، حسب الصحيفة.
وسارع العديد من زملاء وزير الأمن القومي إلى محاولة السيطرة على الأضرار هذا الأسبوع، بعد أن أخبر بن غفير صحيفة “وول ستريت جورنال” أن تعامل إدارة بايدن مع الحرب “يصب في مصلحة (حماس)”، وأنه كان من الأفضل لإسرائيل التعامل مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرة ثانية.
وفي وقت لاحق، شبه نجل بن غفير بايدن، بمريض “ألزهايمر”، في منشور دفع الوزير إلى الاعتذار والأمر بإزالته.
وحذر زعيم المعارضة يائير لابيد، الاثنين، من أنه إذا سُمح لبن غفير بتحديد سلوك الشرطة في الحرم القدسي وفي القدس خلال رمضان، فإن المدينة “سوف تشتعل”.
وأضاف: “البلاد ليست مستعدة لذلك.. لا يوجد تحضير.. ولم تكن هناك مناقشات عملية وسياسية على المستوى المناسب.. نحن نتجه نحو كارثة، كارثة أخرى”.
وتابع لابيد: “هذا ما يريده (بن غفير)، لكنه ليس ما تحتاجه دولة إسرائيل”.
ودعا لابيد نتنياهو إلى تقييد سلطة بن غفير، وتعيين فريق للإشراف على استعدادات إسرائيل لهذه الفترة المضطربة.
وقال: “لم نكن بحاجة إلى مقابلة في صحيفة (وول ستريت جورنال) لتذكيرنا بأن بن غفير مهرج خطير يفضل إشعال النيران بدل إطفائها، ولكن خلال شهر رمضان، قد يتسبب ذلك في حريق شامل من شأنه أن يكلف أرواح البشر”.
[email protected]